وهو إما ناشئ من رداءة إحدى القوتين وخروجها عن إطاعة العاقلة أو عن رداءتها معا، فيكون من رذائل القوتين، وكل ما يدل على ذم مطلق المعصية أو على ذم خصوص أفرادها المعينة يدل على ذم الإصرار على المعصية بطريق أولى وأوكد. والأخبار الواردة في ذم خصوص أفراد المعاصي ربما يظفر بجملة منها في هذا الكتاب عند ذكر كل معصية، وما الأخبار الواردة في ذم مطلق الذنب والمعصية فكثيرة جدا، كقول النبي (ص):
(ما من يوم طلع فجره ولا ليلة غاب شفقها إلا وملكان يناديان بأربعة أصوات، يقول أحدهما: يا ليت هذا الخلق لم يخلقوا، ويقول الآخر: يا ليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا فيقول الآخر: فيا ليتهم إذ لم يعلموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا، فيقول الآخر: ويا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا مما عملوا. واعلموا أن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام، وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن). وقال أمير المؤمنين (ع): (لا تبدين عن واضحة وقد عمتك الأعمال الفاضحة، ولا تأمن البيات وقد عملت السيئات).
وقال الباقر (ع): (إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة) وقال (ع): (ما من شئ أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة، فما يزال به حتى يغلب عليه، فيصير أعلاه أسفله). وقال (ع): (إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق). وقال الصادق (ع): (يقول الله - تعالى -: إن أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي).
وقال (ع): (من هم بسيئة فلا يعملها، فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه الرب - تعالى - فيقول: وعزتي وجلالي! لا أغفر لك بعد ذلك أبدا).
وقال (ع): (أما إنه ليس من عرق يضرب، ولا نكبة ولا صداع ولا مرض، إلا بذنب، وذلك قول الله - عز وجل - في كتابه:
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) (37).
قال (ع): وما يعفوا الله أكثر مما يؤاخذ به). وقال (ع): (أن الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل، وإن العمل السئ أسرع في صاحبه