ويعم في الدعاء، ويبكي عنده، وهو أيضا سيد الآداب وأن يتقدم في الدعاء قبل الحاجة إليه، وألا يعتمد في حوائجه على غير الله تعالى، قال الصادق (ع): (إحفظ أدب الدعاء، وانظر من تدعو، وكيف تدعو، ولماذا تدعو، وحقق عظمة الله وكبرياءه، وعاين بقلبك علمه بما في ضميرك، واطلاعه على سرك وما تكن فيه من الحق والباطل، وأعرف طرق نجاتك وهلاكك، كيلا تدعو الله بشئ عسى فيه هلاكك وأنت تظن أن فيه نجاتك قال الله تعالى:
(ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) (39).
وتفكر ماذا تسأل، ولماذا تسأل. والدعاء استجابة الكل منك للحق، وتذويب المهجة في مشاهدة الرب، وترك الاختيار جميعا، وتسليم الأمور كلها - ظاهرها وباطنها - إلى الله تعالى، فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة، فإنه يعلم السر وأخفى، فلعلك تدعوه بشئ قد علم من سرك خلاف ذلك. واعلم أن لو لم يكن الله أمرنا بالدعاء، لكنا إذا أخلصنا الدعاء، تفضل علينا بالإجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء وسئل رسول الله (ص) عن اسم الله الأعظم فقال: (كل اسم من أسماء الله أعظم). ففرغ قلبك من كل ما سواه، وادعه بأي اسم شئت، فليس في الحقيقة لله اسم دون، بل هو الله الواحد القهار. وقال النبي (ص):
(إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب لاه). فإذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء، وأخلصت سرك لوجهه، فأبشر بإحدى ثلاث: إما أن يعجل لك بما سألت، وإما أن يدخر لك بما هو أفضل منه، وإما أن يصرف عنك من البلاء ما لو أرسله عليك لهلكت) (40). وسئل من الصادق (ع):
ما لنا ندعوا ولا يستجيب لنا؟ فقال: (لأنكم تدعون من لا تعرفونه، وتسألون من لا تفهمونه، فالاضطرار عين الدين، وكثرة الدعاء مع العمى عن الله من علامة الخذلان، لأن من لم يعرف ذلة نفسه وقلبه وسره تحت