قيل المراد: سكارى من كثرة الهم، قيل: من حب الدنيا، ولو حمل على ظاهره ففيه تنبيه على سكر الدنيا، إذ بين فيه العلة، وقال: حتى تعلموا ما تقولون. وكم من مصل لم يشرب الخمر وهو لا يعلم ما يقول في صلاته وقال رسول الله (ص) (من صلى ركعتين، لم يحدث فيهما نفسه بشئ من الدنيا، غفر له ما تقدم من ذنبه). وقال (ص): (إذا صليت صلاة فريضة، فصل لوقتها صلاة مودع يخاف ألا يعود فيها). وقال (ص): (لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه). وقال (ص): (إنما فرضت الصلاة، وأمر بالحج والطواف، وأشعرت المناسك، لإقامة ذكر الله، فإذا لم يكن في قلبك للمذكور الذي هو المقصود والمبتغى عظمة ولا هيبة، فما قيمة ذكرك،!).
وعن أبي عبد الله (ع) قال: (قال الله - تبارك وتعالى -: إنما أقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، ويكف نفسه عن الشهوات من أجلي، ويقطع نهاره بذكري، ولا يتعاظم على خلقي ويطعم الجائع، ويكسو العاري، ويرحم المصاب، ويؤوي الغريب، فذلك يشرق نوره مثل الشمس، أجعل له في الظلمات نورا، وفي الجهالة علما، أكلأه بعزتي، وأستحفظه بملائكتي يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه. فمثل ذلك عندي كمثل جنات الفردوس لا تيبس ثمارها، ولا تتغير عن حالها) (17). وفي أخبار موسى: (يا موسى، إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تبغض أعضاءك، وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا. وإذا ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قلبك. وإذا قمت بين يدي فقم قيام العبد الذليل، وناجني بقلب وجل ولسان صادق). وأوحى إليه (ع): - (قل لعصاة أمتك: لا تذكروني، فإني آليت على نفسي أن من ذكرني ذكرته، وإذا ذكروني ذكرتهم باللعنة). وفي بعض الأحاديث القدسية: (ليس كل مصل أتقبل صلاته، إنما أقبل صلاة من تواضع لعظمتي، ولم يتكبر على عبادي، وأطعم الفقير الجائع لوجهي). وقال أمير المؤمنين: (طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشتغل