(ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) (20). وقال: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم) (21) وفي بعض الأخبار: (من شهد منكرا ورضي به فكأنه قد فعله).
وفي آخر: (لو أن عبدا قتل بالمشرق ورضي بقتله آخر بالمغرب، كان شريكا في قتله). وفي آخر: (أن العبد ليغيب عن المنكر ويكون عليه مثل وزر صاحبه)، قيل وكيف ذلك؟ قال (فيبلغه فيرضى به).
وأما بعض الكفار والفجار والفساق، ومقتهم والانكار عليهم، فما ورد فيه من شواهد الكتاب والسنة أكثر من أن يحصى. قال الله سبحانه:
(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء) (22). وقال: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) (23).
وفي الخبر: (إن الله أخذ الميثاق على كل مؤمن أن يبغض كل منافق).
وقال (ص): (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله). وقد تقدمت جملة من شواهد هذا في باب الحب في الله والبغض في الله.
فإن قيل: المعاصي إن لم تكن بقضاء الله وقدره فهو محال وقادح في التوحيد، وإن كانت بقضاء الله مطلقا فكراهتها ومقتها كراهة لقضاء الله.
والآيات والأخبار مصرحة بوجوب الرضا بقضاء الله مطلقا، وذلك تناقض، فكيف السبيل إلى الجمع؟ وأنى يأتي الجمع بين الرضا والكراهة في شئ واحد؟
قلنا: المقرر عند بعض الحكماء: أن الشرور الواقعة في العالم، من المعاصي وغيرها، راجعة إلى الإعدام دون الموجودات، فلا تكون مراده له - تعالى -، ولا داخلة في قضائه، وعند بعضهم أنها داخله في قضائه بالعرض لا بالذات، ولا ضيرة في كراهة ما ليس في قضاء الله - تعالى - بالذات. وعند بعضهم: أنها شرور قليلة باعثة لخيرات كثيرة. وعلى هذا