(لو أن رجلا أحب رجلا لله، لأثابه الله على حبه إياه، وأن كان المحبوب في علم الله من أهل النار، ولو أن رجلا أبغض رجلا لله، لأثابه الله على بغضه إياه، وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة). وقال الصادق (ع): (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، فهو ممن كمل إيمانه). وقال (ع): (إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم كل شئ، حتى يعرفوا به فيقال: هؤلاء المتحابون في الله). وقال (ع): (وهل الإيمان إلا الحب في الله والبغض في الله؟ ثم تلا هذه الآية:
(حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) (43) وقال (ع): (ما التقى المؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لأخيه). وقال (ع): (من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له) والأخبار بهذه المضامين كثيرة (44).
وإذا عرفت ذلك، فلنشر إلى معنى الحب في الله والبغض في الله فنقول:
الحب الذي بين إنسانين، إما يحصل بمجرد الصحبة الاتفاقية، كالصحبة بحسب الجوار، أو بحسب الاجتماع في سوق، أو مدرسة، أو سفر، أو باب سلطان، أو أمثال ذلك، ومعلوم أن مثل هذا الحب ليس من الحب في الله بل هو الحب بحسب الاتفاق، أو لا يحصل بمجرد ذلك، بل له سبب وباعث آخر، وهذا على أربعة أقسام:
الأول - أن يحب إنسان إنسانا لذاته، لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه، بأن يكون هو في ذاته محبوبا عنده، بمعنى أنه يلتذ برؤيته ومعصيته ومشاهدة أخلاقه، لاستحسانه له، فإن كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله، وكل لذيذ محبوب واللذة تتبع الاستحسان، والاستحسان يتبع المناسبة والموافقة والملائمة بين الطباع. ثم ذلك المستحسن،