الصدقة إلى المستحقين، وحب طباخ يحسن صنعته في الطبخ لأجل طبخه لمن يضيفه تقربا إلى الله، وحب من ينفق عليه ويواسيه بكسوته وطعامه ومسكنه وجميع مقاصده التي يقصده في الدنيا، ومقصوده من ذلك الفراغ لتحصيل العلم والعبادة، وحب من يخدمه بنفسه من غسل ثيابه وكنس بيته وطبخ طعامه وأمثال ذلك من حيث أنه يفرغه لتحصيل العلم والعمل...
وقس على ما ذكر أمثاله، والمعيار أن كل من أحب غيره من حيث توسله لأجله إلى فائدة أخروية فهو محب لله وفي الله.
الرابع - أن يحبه لله وفي الله، لا لينال منه علما أو عملا، أو يتوسل به إلى أمر وراء ذاته، وذلك بأن يحبه من حيث أنه متعلق بالله ومنسوب إليه، أما بالنسبة العامة التي ينتسب بها كل مخلوق إلى الله، أو لأجل خصوصية النسبة أيضا، من تقربه إلى الله، وشدة حبه وخدمته له تعالى.
ولا ريب في أن من آثار غلبة الحب أن يتعدى من المحبوب إلى كل من يتعلق به ويناسبه، ولو من بعد، فمن أحب إنسانا حبا شديدا، أحب محب ذلك الإنسان وأحب محبوبه ومن يخدمه ومن يمدحه ويثني عليه أو يثني عليه محبوبه، وأحب من يتسارع إلى رضاء محبوبه، كما قيل:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا وأما البغض في الله، فهو أن يبغض إنسان إنسانا لأجل عصيانه لله ومخالفته له تعالى، فإن من يحب في الله لا بد وأن يبغض في الله، فإنك إن أحببت إنسانا لأنه مطيع لله ومحبوب عنده، فإن عصاه لا بد أن تبغضه، لأنه عاص فيه وممقوت عند الله، قال عيسى (ع): (تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقربوا إلى الله بالتباعد عنهم، والتمسوا رضاء الله بسخطهم. وروي: (أنه تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة، وأما انقطاعك إلي فقد تعززت بي، ولكن هل عاديت في عدوا، أو واليت وليا؟).
ثم للمعصية درجات مختلفة، فإنها قد تكون بالاعتقاد، كالكفر والشرك والبدعة، وقد تكون بالقول والفعل، وهذا إما أن يكون مما يتأذى به