الأنس والالتذاذ بمناجاته، وفي أخبار داود: (كذب من ادعى محبتي وإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب لقاء حبيبه، فها أنا ذا موجود لمن طلبني).
الرابعة - ألا يحزن ولا يتألم عن فقد شئ، ولا يفرح بوجود شئ سوى ما يقربه إلى الله أو يبعده عنه، فلا ينبغي أن يحزن ويجزع في المصائب، ولا يسر بنيل المقاصد الدنيوية، ولا يتأسف على ما يفوته إلا على ما فات منه من طاعة مقربة إلى محبوبه، أو على صدور معصية مبعدة، أو على ساعة خلت عن ذكر الله والأنس به.
الخامسة - أن يكون مشفقا رؤوفا على عباد الله، رحيما على أولياءه وشديدا على أعداء الله، كارها لمن يخالفه ويعصيه، إذ مقتضى الحب الشفقة والمحبة لإحياء المحبوب والمنسوبين إليه، والبغض لأعدائه ومخالفيه.
السادسة - أن يكون في حبه خائفا متذللا تحت سلطان العظمة والجلال، وليس الخوف مضادا للحب، كما ظن، إذ إدراك العظمة يوجب الهيبة وإدراك الجمال يوجب الحب، ولخصوص المحبين خوف الأعراض، وخوف الحجاب وخوف الإبعاد، وخوف الوقوف، وسلب المزيد وقال بعض العرفاء: (من عبد الله بمحض المحبة من غير خوف هلك بالبسط والإدلال، ومن عبده من طريق الخوف من غير محبة انقطع عنه بالبعد والاستيحاش ومن عبده عن طريقهما أحبه الله، فقربه ومكنه وعلمه).
السابعة - كتمان الحب والشوق من إظهاره ومن إظهار الوجد واجتناب الدعوى، تعظيما للمحبوب وإجلالا له، وهيبة منه وغيرة على سره، فإن الحب سر من أسرار المحبوب، فلا ينبغي إفشاؤه، ولأنه ربما يدخل في الدعوى ما يجاوز حد الواقع، فيكون من الافتراء، والتعظم به العقوبة في العقبى والبلية في الدنيا. نعم، ربما غشيته سكرة في حبه، حتى يدهش فيها، وتضطرب أحواله، فيظهر عليه حبه من دون اختيار وتمحل. فمثله معذور، لأنه تحت سلطان المحبة مقهور ومن عرف أن حصول حقيقة المعرفة والمحبة التي تنبغي أن تكون في حق الله يستحيل أن يحصل لأحد وأن يطلع على ما اعترف عظماء الإنسان - أعني الأنبياء والأولياء - من