وأكثر القراء قرأوا ولتستبين سبيل المحرمين، والاستبانة حينئذ غير واقع.
والتبيان، بالكسر ويفتح مصدر (1) بينت الشيء تبيينا وتبيانا وهو شاذ.
وعبارة الجوهري، رحمه الله تعالى، أوفى بالمراد من عبارته فإنه قال: والتبيان مصدر وهو شاد، لأن المصادر إنما تجيء على التفعال بفتح التاء نحو التذكار والتكرار والتوكاف، ولم يجيء بالكسر إلا حرفان وهما التبيان والتلقاء، اه.
وأيضا حكاية الفتح غير معروفة إلا على رأي من يجيز القياس مع السماع وهو رأي مرجوح.
قال شيخنا، رحمه الله تعالى: وما ذكره من انحصار تفعال في هذين اللفظين به جزم الجماهير من الأئمة، وزعم بعضهم أنه سمع التمثال مصدر مثلت الشيء تمثيلا وتمثالا.
وزاد الحريري في الدرة على الأولين تنضالا مصدر الناضلة.
وزاد الشهاب في شرح الدرة: شرب الخمر تشرابا، وزعم أنه سمع فيه الفتح على القياس، والكسر على غير القياس، وأنكر بعضهم مجيء تفعال، بالكسر، مصدرا بالكلية؛ وقال: إن كل ما نقلوا من ذلك على صحت ه إنما هو من استعمال الاسم موضع المصدر كما وقع الطعام، وهو المأكول، موقع المصدر وهو الإطعام كما في التهذيب.
وقوله تعالى: (وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) (2)، أي بين لك فيه كل ما تحتاج إليه أنت وأمتك من أمر الدين، وهذا من اللفظ العام الذي أريد به الخاص، والعرب تقول: بينت الشيء تبيينا و تبيانا، بكسر التاء، وتفعال، بالكسر يكون اسما، فأما المصدر فإنه يجيء على تفعال بالفتح، مثل التكذاب والتصداق وما أشبهه، وفي المصادر حرفان نادران. وهما تلقاء الشيء والتبيان، ولا يقاس عليهما.
وقال سيبويه في قوله تعالى: (والكتاب المبين)، قال: هو التبيان، وليس على الفعل إنما هو بناء على حدة، ولو كان مصدرا لفتحت كالتقتال، فإنما هو من بينت كالغارة من أغرت.
وقال كراع: التبيان مصدر ولا نظير له إلا التلقاء.
وضربه فأبان رأسه من جسده وفصله فهو مبين.
و قوله: مبين، كمحسن، غلط وإنما غره سياق الجوهري ونصه فتقول: ضربه فأبان رأسه من جسده فهو مبين. ومبين أيضا: اسم ماء، ولو تأمل آخر السياق لم يقع في هذا المحذور. ولم أر أحدا من الأئ مة قال فيه مبين كمحسن، ولو جاز ذلك لوجب الإشارة له في ذكر فعله كأن يقول: فأبان رأسه وأبينه، فتأمل.
وباينه مباينة: هاجره وفارقه.
وتباينا: تهاجرا، أي بان كل واحد منهما عن صاحبه، وكذلك إذا انفصلا في الشركة.
والبائن: من يأتي الحلوبة من قبل شمالها، والمعلي الذي يأتي من قبل يمينها، كذا نص الجوهري، والمستعلي من يعلى العلبة في الضرع.
والذي في التهذيب للأزهري يخالف ما نقله الجوهري فإنه قال: البائن الذي يقوم على يمين الناقة إذا حلبها والجمع البين، وقيل: البائن والمستعلي هما الحالبان اللذان يحلبان الناقة أحدهما حالب، والآخر محلب، والمعين هو المحلب، والبائن عن يمين الناقة يمسك العلية، والمستعلي الذي عن شمالها، وهو الحالب يرفع البائن العلبة إليه؛ قال الكميت:
يبشر مستعليا بائن * من الحالبين بأن لا غرارا (3) والبائن: كل قوس بانت عن وترها كثيرا؛ عن ابن