كل منهما فإن حلف أحدهما دون الآخر حكم بالكل للحالف أو لا يحتاج إلى ذلك ظاهر جماعة الفرق بين الأسباب فيما ذكر فحكموا بالافتقار على تقدير القول بكون السبب هو التساقط دون غيره ولهذا جعل التحالف ثمرة بين القول به وبين غيره وظاهر بعض توقف الحكم بالتنصيف على التحالف مطلقا هذا.
ولكن الحق أن يقال إنه على تقدير القول بكون السبب التساقط يحتاج إلى التحالف وأما على القول بكون السبب هو العمل بمقتضى بينة الداخل فإن جعل وجه تقديمها الترجيح باليد فلا إشكال في عدم الافتقار إلى الحلف وإن جعل النص فيمكن القول بالاحتياج إلى التحالف وإن جعل وجهه تساقط كل من البينتين على التمام وكون اليد مرجعا فيصير إذا معنى تقديم بينة الداخل هو العمل بمضمونها حسبما هو أحد الوجوه الذي نسب إلى بعض في وجه تقديم بينة الداخل فيحتاج إلى التحالف من حيث كون كل منهما منكرا هذا على - القول بكون اليد على النصف وأما على القول بكونها على التمام في المقام حسبما هو قضية صريح كلام بعض مشايخنا الاعلام فيحتمل الوجهان أوجههما عند الأستاذ الافتقار وعنده عدمه.
وأما على القول بكون السبب هو تقديم بينة الخارج كما عليه المعظم الأقرب بالقبول فلا إشكال في عدم الافتقار إلى التحالف لان مقتضى التحالف لا يخلو عن أمور ثلاثة أحدها تساقط البينتين مع كون اليد من كل من المدعيين على النصف ثانيها تساقطهما مع تساقط اليدين أيضا على القول بكونهما على التمام كالبينتين فتتساقطان حسبما هو قضية الأصل في تساقط الأسباب ثالثها النص الوارد بالتحالف إذا كان في يدهما وأقام كل منهما بينة مثل خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان رجلين اختصما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دابة في أيديهما وأقام كل واحد منهما البينة انها نتجت عنده فأحلفهما علي (عليه السلام) فحلف أحدهما وأبى الآخر أن يحلف فقضى بها للحالف فقيل له فلو لم تكن في يد واحد منهما وأقاما البينة فقال أحلفهما فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين قيل فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعا البينة قال اقضي بها للحالف الذي هو في يده فيجعل النص إما دليلا تعبديا على التحالف في المقام على خلاف القواعد أو كاشفا عن اسقاط بينة الداخل بينة الخارج فيرجع إلى مقتضى القاعدة ومما يدل على عدم كون التحالف من باب مجرد التعبد عدم حكمه بالتحالف فيما كان بيد أحدهما بل حكم بالحلف على من كانت في يده وجده وشئ من هذه الأمور لا يصلح وجها للحكم بالتحالف في المقام.
أما الأول والثاني فظاهر لابتنائهما على سماع بينة المنكر في مقابل بينة المدعي وقد عرفت غير مرة انا وإن نرجح سماع بينة المنكر إذا كانت لها جهة ثبوتية بمعنى اسقاطها اليمين عنه تبعا لجماعة إلا انا لا نقول بسماعها في مقابل بينة المدعي.
وأما الثالث فلمعارضته بخبر المنصور الظاهر في خلافه كما سيأتي نقله والترجيح له من وجوه عديدة لا تخفى على الخبير ومع فرض التكافؤ فالمرجع العمومات الدالة على التنصيف في الفرض من غير حلف من - الاخبار أو إلى ما دل من الأدلة المتقدمة على أنه ليس على المدعي إلى البينة من قوله البينة على المدعي وغيره هذا.
ولكن الحق أن يقال بعدم اعتبار خبر اسحق في نفسه لا من جهة المعارضة وترجيح معارضه عليه كما ذكرنا أولا لأنه لو بنى على اعتباره في نفسه لم يكن معنى لترجيح معارضه عليه من حيث السند لان النسبة بينه وبين خبر المنصور هو الخصوص والعموم كما لا يخفى فيتعين الاخذ به على تقدير اعتباره لما حقق في محله من أن الرجوع إلى مرجحات السند أو جهته إنما هو بعد فقد المرجح من حيث الدلالة.