بل يحتاج إلى ذهاب الشهود والجارح والمعدل والمعدل لهم وهكذا فيلزم الحرج بحد يقرب حكم العقل مضافا إلى حكم - الشرع بنفيه وهذه الأمور كلها باطلة فتعين ما ذكرنا والحاصل انه كما أن من الواجب في الحكمة الإلهية والمصلحة الربانية تبليغ النبي ونصب الوصي لارشادهما الناس إلى الحق وحكمهما بينهم بالقسط والحق لئلا يلزم اختلال نظامهم وسد باب معاشهم وإذا غاب الولي نصب المجتهد للقضاء للعلة المذكورة كذا يجب عليه بحكم العقل من جهة هذه العلة ان يوجب على المقلد القضاء بين الناس في صورة عدم امكان رفع الامر إلى المجتهد أو عسره بحيث لا يتحمل عادة وان يوجب على الناس الترافع إليه والالتزام بالزامه لئلا يلزم اختلال نظامهم فينتفي الغرض من الخلقة فالعقل الحاكم بوجوب قضاء المجتهد في حالة الامكان والاختيار من حيث توقف النظام عليه يحكم بوجوبه على المقلد في حالة الاضطرار بملاحظة العلة المذكورة وهذا مما لا اشكال فيه بعد ملاحظة حكم العقل بمطلوبية بقاء النظام في كل زمان وتوقفه على قضاء المقلد.
لنا على الثانية انها القدر المتيقن فلا يستقل العقل باستقلال المقلد للقضاء بعد احتماله تعيين نصب المجتهد ومدخليته وامكانه لأنه المفروض وبعبارة أخرى ان حكم العقل بجواز قضاء المقلد في الصورة المفروضة وجواز رجوع الناس إليه انما كان بملاحظة توقف النظام عليه والمفروض انه لا يختلف الامر في ذلك بين ان ينصبه - المجتهد لذلك أو يقضي من قبل نفسه لحصول الغرض وهو حفظ النظام بكل منهما فبعد احتمال مدخلية نصب المجتهد لا يحكم العقل بجواز قضائه من دون النصب مضافا إلى احتمال كونه من الحوادث الواقعة إلى أمر الامام عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه بوجوب الرجوع فيها إلى المجتهد فافهم هذا كله فيما إذا أمكن الرجوع إلى المجتهد في نصب المقلد واما إذا لم يمكن الرجوع إليه في نصبه إما لفقده أو لعدم امكان الوصول إليه فيجب على الناس الترافع إلى المقلد والالتزام بحكمه لما ذكرناه من لزوم اختلال النظام لولاه هذا كله في الشبهات الموضوعية.
إما في الشبهات الحكمية فالحق عدم جواز القضاء للمقلد في كلتا الصورتين وعدم وجوب رجوع الناس إليه لعدم لزوم أحد المحاذير السابقة لولاه إما في صورة تمكن الوصول إلى المجتهد ولو بعد مدة مديدة فظاهر لأنه يجب على الناس حينئذ منع المدعى عن الادعاء والخصومة إلى أوان امكان رفع الامر إلى المجتهد ولو بان يكتبوا إليه صورة الواقعة فيبين لهم حكمه ويلزم على الناس إلزام المتخاصمين به لو لم يلتزموا به من قبل أنفسهم ولا يلزم من ذلك عسر ولا حرج كما كان يلزم في الشبهات الموضوعية للاكتفاء في رفع المخاصمة هنا ببيان الحكم وهو يحصل بالمكاتبة والمراسلة وبذهاب المدعي إلى المجتهد وحده كما لا يخفى وهذا بخلاف الشبهات الموضوعية لأنك قد عرفت لزوم الحرج فيه غايته ولا يلزم أيضا ابطال الحقوق في زمان التلبث (التربص خ) والانتظار لعدم العلم بثبوت الحق للمدعي ولو اجمالا في الوقايع. والحاصل انه لا يلزم من منعهما عن المرافعة ابطال حق في البين لان منعهما عن المرافعة مع حكم المجتهد بثبوت الحق للمدعي أو بعدمه كلها سواء من حيث ابطال الحق وعدمه لعدم كشف نفس الامر للمجتهد أيضا.
واما في صورة عدم امكان الوصول إلى المجتهد إما لتعسره أو لتعذره مع وجود المجتهد أو من جهة عدم وجوده فيلزم على الناس منعهما عن المخاصمة والزامهما بما ذكرنا في باب التقليد في صورة عدم وجود المجتهد الحي من الرجوع إلى الشهرة إن كانت أو إلى اعلم الأموات إن كان والى الأورع منهم ان تساووا في العلم والى التخيير ان تساووا في الورع أيضا فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر.
وينبغي التنبيه على أمور الأول ان ما ذكرنا من جواز القضاء للمقلد بنصب المجتهد في ما يلزم العسر