المدونة في كتب الأصحاب في باب التقليد انه يجدها ظاهرة في جواز قضاء المفضول مع وجود الفاضل لا يقال انا لا ننكر دلالة الاخبار على أصل الجواز لكنا نقول إن جواز قضاء المفضول مع وجود الفاضل شاني ولا يكون قضائه حجة فعلية يعارض مع قضاء الفاضل لكونه أقوى منه كما أنه إذا دار الامر بين تقليد الأعلم وتقليد غيره كان تقليد الأعلم متعينا عند المشهور لقوة قوله بالنسبة إلى غيره لأنا نقول المستفاد من الأخبار المذكورة كون القضاء منصبا وولاية وسببا لفصل الخصومة ثابتا لمن كان عارفا بالأحكام ناظرا في الحلال والحرام لا كونه طريقا إلى الواقع كالفتوى وحجية الاخبار ان قلنا بكونها من حيث الطريقية لا السببية حتى يلزم منه سقوط قضاء المفضول عن الاعتبار فعلا كما في صورة تعارض الخبرين مع كون أحدهما ذا مزية أو اختلاف رأي المجتهدين مع كون أحدهما اعلم فإنه حينئذ يسقط غير ذي المزية وقول غير الأعلم عن الاعتبار فعلا والامر في القضاء ليس كذلك كما لا يخفى على من نظر في الاخبار وتأمل فيها حق التأمل بل يظهر لمن تأمل فيها ما ذكرنا من كونه ولاية ومنصبا و سببا لفصل الخصومة هذا ملخص ما افاده قدس سره في بعض الحواشي على ما حكى هذا واغتنم] الاخبار على وجوب الرجوع إلى العارف والعالم به بل في مشهورة أبي خديجة الاكتفاء بمعرفة البعض فتدل على جواز قضاء المتجزي فضلا عن المجتهد المطلق ثانيها ما اشتهر من أن الصحابة كانوا يفتون مع اشتهارهم بالاختلاف في الأفضلية ومع تكرر الافتاء لم ينكر عليهم أحد من الصحابة فيكون اجماعا منهم على جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل ثالثها ما اعتمد عليه بعض مشايخنا المتأخرين من السيرة المستمرة من زمان الأئمة إلى زماننا هذا في الافتاء والاستفتاء مع تفاوتهم في الفضيلة رابعها ما يظهر من كلام بعض الأفاضل من أن في تكليف العامي بذلك عسرا وحرجا لعدم تأهله لمعرفة الأفضل عن غيره وهما منفيان بالكتاب والسنة هذه تمام ما ذكروه في المقام لاثبات جواز القضاء للمفضول مع وجود الأفضل.
وأنت خبير بفساد جميعها إما الأول فلانه بعد تسليم اطلاق في الروايات ينفعنا في المقام لا بد من تقييده بما ذكرنا من الاجماعات المحكية والأخبار المستفيضة واما الثاني فلوجوه أحدها المنع من اجماع الصحابة على ذلك سيما فيما إذا اختلف آرائهم كما هو محل البحث ثانيها تسليم الاتفاق على العمل المذكور الا انا نقول بالفرق بين المتفاوتين في العلم في ذلك الزمان وزماننا هذا وأشباهه حسبما عرفت تفصيل القول فيه في قضاء المتجزي فراجع ثالثها ان فعل الصحابة بعد اعتراضهم عن الإمام (عليه السلام) ليس حجة عندنا واما الثالث فلوجوه أيضا أحدها المنع من تحقق السيرة المستمرة كيف والمشهور بين العلماء المدعى عليه الاجماع وجوب تقليد الأعلم ومعلوم ان الامامية كانوا مقلدين للعلماء في تلك المسألة فكيف يقال باستقرار طريقتهم على الرجوع بغير الأعلم ثانيها تسليم ذلك لكن نمنع من كشفها عن تقرير الحجة (عليه السلام) لكونها ناشئة عن عدم المبالاة في الدين حيث إن أكثر العلماء حسبما عرفت قائلون بوجوب تقليد الأعلم فعدولهم عنه إلى غير الأعلم ليس إلا من جهة عدم مبالاتهم ومسامحاتهم في الدين حفظنا الله وجميع إخواننا عن ذلك ثالثها الغمض عن ذلك أيضا لكن نقول إن من المحقق في محله ان من شرائط حجية السيرة عدم ردع الإمام (عليه السلام) وقد عرفت ردعه بالمقبولة وغيرها واما الرابع فللمنع من صعوبة معرفة الأعلم للعامي فان معرفته ممكنة بشهادة أهل الخبرة كمعرفة أصل الأهلية والاجتهاد فيمن يرجع إليه هذا تمام الكلام في المقام الأول من المقام الثاني.
واما المقام الثاني منه فالحق فيه عدم جوب الرجوع فيه إلى الفاضل وجواز الرجوع إلى المفضول أيضا لاطلاق بعض الأدلة وعدم ما يصلح للتقييد لان المقبولة وغيرها من الروايات والاجماعات انما هي في مقام الاختلاف في الحكم والرأي كما لا يخفى.
وينبغي هنا بيان أمور الأول ان ما ذكرنا من وجوب الرجوع في التحاكم إلى الأعلم والأفضل انما هو مع الامكان والتيسر واما إذا كان الرجوع إليه حرجيا كما هو موجود بالنسبة إلى أكثر أهل البلاد لو - كلفوا بالرجوع إلى البلد الذي فيه الأعلم فلا اشكال في اسقاط (سقوط خ) وجوبه لما قد دل من الكتاب والسنة على