على أن الاذن الحاصل من الإمام (عليه الاسلام) انما هو مقصور في حق المجتهد ولا يكون في حق المقلد وأين هذا من عدم جواز الاذن للمقلد والحاصل ان هناك شيئين أحدهما جواز نصبه للمقلد واذنه للقضاء بين الناس وعدمه ثانيهما ان الاذن ونصبه الواصل إلينا الحاصل في الخارج هل يشمل المقلد أم لا وما ينفع في المقام هو الأول وما يدل عليه المقبولة على فرض تسليمه هو الثاني.
قلت بعد الغض عن دلالة المقبولة على كون اشتراط الاجتهاد حكما إلهيا وتسليم عدم دلالتها على ما ذكر من اختصاص الاذن من الامام على المجتهد نتمسك في منع الصفري حينئذ بالأصل لان الأصل الأولى فيما شك كونه حكما شرعيا إلهيا عدم جواز تبديله للإمام (عليه السلام) وفيه تأمل واما الكبرى فأولا نمنع عموم أدلة الولاية حتى تدل على أن كل ما يجوز للإمام (عليه السلام) يجوز للمجتهد لان المنصف بعد التأمل في سياقها وصدرها وذيلها يقطع بأنها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس واما كونهم كالنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) في كونهم أولي بالناس في أموالهم وأنفسهم فيجوز لهم التصرف بنصب مسلط عليهم فلا دلالة لها على ذلك أصلا وثانيا نسلم ان فيها عموما يدل على ثبوت جميع ما للامام للمجتهد لكن نقول إنه يجب حملها على إرادة العموم من الجهة المعهودة المتعارفة من وظيفة من حيث كونه رسولا وواسطة بين الله وبين الناس وحجة عليهم وهي ما ذكرنا من بيان - الأحكام الشرعية للناس والقضاء بينهم والالزام تخصيص أكثر افراد العام لعدم ثبوت أكثر ما للنبي والامام من التصرف في الناس نفسا ومالا للمجتهد.
وإن شئت قلت إن العام إذا خرج منه أكثر افراده يصير موهونا لا يجوز التمسك به في مورد الشك الا بملاحظة تمسك جماعة معتد بها من الأصحاب به بحيث يرتفع الوهن المذكور حسبما ذكرناه في عمومات نفي العسر والحرج ونفي الضرر والضرار في الاسلام وغيرهما من أنها عمومات قد دخل فيها الوهن بملاحظة خروج أكثر افرادها لا يجوز التمسك بها الا بعد انجبارها بتمسك جماعة من الأصحاب ففيما نحن فيه أيضا نقول إنه بعد ما لم يثبت أكثر ما للنبي والامام للمجتهد فلا يجوز التمسك بعمومات أدلة الولاية الا بعد تمسك جماعة معتد بها من الأصحاب ومعلوم انه لم يتمسك بتلك العمومات في المقام الا بعض متأخري المتأخرين من أصحابنا رضوان الله عليهم ولا يبعد كونهم مسوقين بتقدم الاجماع على خلافهم كما عرفت من الأصحاب مثل ثاني الشهيدين في مسالك الأفهام هذا غاية ما يمكن ان يقال في المقام الثاني.
واما المقام الثالث وهو جواز القضاء للمقلد فيما لو صار وكيلا عن المجتهد فالحق فيه أيضا عدم الجواز ومرجع النزاع في المقام إلى أنه هل يوجد في عمومات الوكالة ما يمكن التمسك به في المقام أم لا فبالحري قبل الخوض في المقصود ان نذكر مقدمة ربما تنفعنا في المقام وهي انه لا شك ولا ريب في أن ما لا يدخله الاستنابة لعدم قابليته لها من حيث عدم ترتب الأثر على الفعل الا من حيث قيامه بفاعل خاص ومباشر معين لا تأتي فيه أدلة الوكالة وعموماتها لعدم تحقق موضوعها حيث إنها مختصة بما يقبل النيابة وغير جارية فيما لا يقبل فقابلية الفعل للاستنابة فيه مأخوذة في موضوع أدلة الوكالة بحيث لو لم يكن هناك قابلية لم يتحقق مفهوم الوكالة ومعناها فعدم الحكم بالوكالة فيما كان مختصا بمباشر خاص ليس تخصيصا في عموماتها بل هي بنفسها مختصة بصورة عدم الاختصاص بالمباشر الخاص فيلزمه انه فرض الشك في اختصاص الفعل بمباشر خاص أو أنه يقبل النيابة أن لا يجوز التمسك بالعموم للشك في تحقق الموضوع حيث إن التمسك بالعموم انما هو فيما شك في التخصيص بعد القطع بتحقق الموضوع فيه واما لو شك في كون زيد عالما أو جاهلا فلا يجوز التمسك بأكرم العلماء في وجوب اكرامه حيث إن جريانه