به من الذات المقدسة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن هنا شكوكا وشبهات أوردوها على المختار لا بد من ذكرها ودفعها أحدها انه مخالف لظاهر ما ورد من الأخبار الواردة في الباب عموما وخصوصا فإن ما دل منها على حلف المجوسي بالله لم يقيده بانضمام شئ آخر إليه حتى يزيل احتمال إرادة النور منه وفيه انك قد عرفت أن المراد من الاخبار ليس الحلف بلفظة الله وإن أراد منها غير الذات المقدسة بل المراد منها الحلف بالذات المقدسة بأي اسم من أسمائها فيجب احراز وقوع الحلف بها وإلا لم يصدق الحلف بالله وهذا أمر واضح لا سترة فيه بعد التأمل أصلا وأين هذا من حكاية الاطلاق والتقييد ثانيها ان المناط في ترتب الأثر على الحلف هو قصد المحلف لا الحالف فقصده غيره لا ينافي في ترتب الأثر على حلفه إذا كان المحلف قاصدا للحلف بالله ولهذا اكتفى بالحلف بالله عمن لا يعتقد إلها أصلا وفيه انك قد عرفت أن المستفاد من الاخبار عدم كفاية الحلف الواقع بغير ذات الجلالة في أثر من الآثار ومعلوم ان قصد المحلف لا يحرز كون الحلف الواقع من الحالف بالله تبارك وتعالى نعم المناط في الحكم التكليفي والمعصية أينما تحققت على قصد المحلف وأين هذا من كفاية قصده في الحكم الوضعي وبالجملة حديث قصد المحلف والحالف أجنبي عما نحن فيه بل لا بد من احراز وقوع الحلف من الحالف على الله تعالى وأما النقض بحلف من لا يعتقد بإله وخالق أصلا فلا ورود له جزما لان المراد من وقوع الحلف بالله الذي قد ورد في حق - الوثني أيضا هو الحلف بمن نعتقده إلها فالوثني وإن لم يمكنه الحلف بالله باعتقاده إلا أنه يتمكن من الحلف بالله الذي نعتقده إلها وهذا هو المعتبر في الحلف ثالثها ان إضافة خالق الظلمة والنور لا تجدي بعد عدم اعتقاده كونهما مخلوقين له وفيه أن اضافته وأمثاله ليس من جهة دلالتها على اعتقاده بذلك بل من جهة دلالتها على أنه حلف بمن نعتقده خالقا وإلها ومن المعلوم ان الإضافة المذكورة مجدية في احراز حلفه بالله الذي نعتقده إلها وهذا لا ينافي في عدم اعتقاده بكونه خالقا للظلمة والنور كما لا يخفى.
وبالجملة العبرة في اليمين العلم أو الظن القائم مقامه بأن الحالف قد أحلف بالله ولو بحسب اعتقادنا وهو المستفاد أيضا مما تقدم من الاخبار وليس المراد منها احراز الحلف بلفظة الله ولو علم كون مراد الحالف منه غير الذات المقدسة.
فالعجب من بعض مشايخنا حيث ذهب إلى كفاية الحلف بلفظة الجلالة ولو علم كون مراد الحالف منها غير ذات الواجب الوجود فهذا كما ترى التزام منه بكفاية الحلف بغير الله تبارك الله وتعالى وهو كما ترى وأعجب منه ما حكي عن بعض الأصحاب من جواز الحلف بغير الله تبارك وتعالى تكليفا ووضعا إذا صالح المدعي حقه عليه أو شرطاه في عقد لازم وإن لم نقل بجوازه في غير الصورتين بناء منه على أن ما دل على جواز الصلح بين المسلمين و على وجوب الوفاء بالشرط يدل على جوازه وترتيب الأثر عليه شرعا وفيه ما لا يخفى على جاهل فضلا عن عالم لان أدلة الصلح والشرط وغيرهما من العقود والايقاعات لا تعارض ما دل على حرمة متعلقاتها بل الجواز مأخوذ فيها شرعا ولعلنا نتكلم بعض التكلم في تحقيق ذلك عن قريب فانتظر وكذا ما دل من الأخبار المتقدمة على عدم وقوع الحلف المؤثر شرعا بغير الله تبارك وتعالى لا يمكن تخصيصه بما دل على جواز الصلح بين المسلمين ووجوب الوفاء بالشرط والنذر لان تلك الأخبار حاكمة على الدليل المذكور لأن مفادها عدم ترتب الأثر على الحلف بغير الله تبارك وتعالى فشرطه شرط لأمر غير مؤثر وكذلك الصلح عليه.
وبعبارة أخرى أدلة صحة الصلح والنذر والشرط وأمثالها ليست في مقام رفع الحكم عن الموضوعات