الشك في وجوب الوفاء بهذا العقد الخاص راجع (1) إلى الشك في شمول الآية، فالدليل في الحقيقة على وجوب الوفاء بما شك في شمول الآية هو ما دل على وجوب الحكم بالشمول في العمومات اللفظية عند الشك في خروج بعض الأفراد، وهذا غير جار في الرجوع إلى (لا تنقض) في موارد الاستصحاب.
والحاصل: أن (لا تنقض) في مرتبة فوق مرتبة (أوفوا بالعقود) فإن اعتبرت الآية مرجعا كان (لا تنقض) دليل المرجع، وإن كان (لا تنقض) مرجعا كان دليل اعتبار ظاهر الآية مرجعا في مقام الشك، لا نفسها. والسر في ذلك: أن الشك الموجب للرجوع إلى (لا تنقض) غير الشك الموجب للرجوع إلى عموم الآية، فافهم واغتنم.
قاعدة التسامح مسألة أصولية إذا عرفت ما ذكرنا ظهر لك أن قاعدة التسامح مسألة أصولية، لأنها بعد إتقانها واستنباط ما هو مراد الشارع منها من غالب الأخبار المتقدمة، فهي شئ يرجع إليه المجتهد في استحباب الأفعال وليس ما ينفع المقلد في شئ، لأن العمل بها يحتاج إلى إعمال ملكة الاجتهاد وصرف القوة القدسية في استنباط مدلول الخبر، والفحص عن معارضه الراجح عليه أو المساوي له ونحو ذلك مما يحتاج إليه العمل بالخبر الصحيح، فهو نظير مسألة حجية الخبر الواحد ومسألتي الاستصحاب والبراءة والاحتياط في أنها يرجع إليها المجتهد ولا ينفع المقلد، وإن كانت نفس القاعدة قطعية المراد من حيث العموم أو الخصوص.
ومما ذكرنا ظهر أن إطلاق الرخصة للمقلدين في قاعدة التسامح غير جائز، كيف ودلالة الأخبار الضعيفة غير ضرورية، فقد يظهر منها ما يجب طرحها، لمنافاته لدليل معتبر عقلي أو نقلي، وقد يعارض الاستحباب احتمال الحرمة الذي لا يتفطن له المقلد، وقد يخطأ في فهم كيفية العمل، إلى غير ذلك من الاختلال.