نعم يمكن للقائلين بالمضايقة أن يقولوا: إن المبادرة إنما يجب إذا أمكن فعل القضاء مستجمعا لجميع الشروط الاختيارية لا مطلقا، لأن التضيق إنما جاء من دلالة الأمر على الفور أو من ورود الدليل على وجوب التعجيل.
وعلى كل تقدير، فالفعل المشروط في نفسه بشروط إذا أخره المكلف لتحصيل شرط من شروطه، لا يعد متوانيا فيه غير مستعجل، إذا لم يكن التأخير إلا بمقدار تحصيل الشرط، ولهذا لم يلتزم أهل المضايقة بسقوط السورة وطهارة الثوب والبدن، بل مقدار الطهارة المائية إذا أوجب التأخير، وكان التعجيل يحصل بالتيمم.
والسر في ذلك: أن ترخيص الفعل بدون الشرائط الاختيارية إنما يكون عند الاضطرار، والاضطرار إنما يحصل إذا دار الأمر بين فوت أصل الواجب إما ليضيق الوقت أو لطرو المانع - ولو بحسب ظن المكلف -، وفوات شروطه وأجزائه الاختيارية، وأما إذا دار الأمر بين فوات التعجيل إلى الفعل وفوات تلك الشروط والأجزاء الاختيارية فلا يهمل جانب الشروط ويراعي التعجيل.
والسر فيه: أن التعجيل المطلوب إنما عرض للفعل بعد اعتبار الشروط والأجزاء، فالمطلوب تعجيل الفعل المستجمع لها، فمتى لم يمكن تعجيل الفعل المستجمع لها وارتقب زمان الاستجماع فلا يعد عاصيا في التعجيل، وهذا هو السر في التزام العقلاء في مقام الإطاعة مراعاة جانب الشروط والأجزاء وإن تأخر زمان الفعل، بل لا يعد هذا تأخيرا، لأن التأخير والتعجيل إنما يعتبران بالنسبة إلى أزمنة الامكان، فافهم.
وأما توهم الإمام عليه السلام لم يستفصل بين السفر الضروري وغيره فيأمره بترك غير الضروري المستلزم لتأخير القضاء إلى الليالي، فمدفوع بأن مقام السؤال لا يقتضي ذلك - كما لا يخفى - فترك الاستفصال لا يجدي.
رواية أخرى لعمار ومنها: رواية أخرى عن عمار: (قال: سألته عن الرجل ينام عن الفجر