إنما شرعت تسهيلا للأمر على الشيعة ورفعا للحرج عنهم، مع أن التخفي عن المخالفين في الأعمال ربما يؤدي إلى اطلاعهم على ذلك، فيصير سببا لتفقدهم ومراقبتهم للشيعة وقت العمل فيوجب نقض غرض التقية.
الأخبار الدالة على اعتبار عدم المندوحة في وقت العمل نعم في بعض الأخبار ما يدل على اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء من الوقت، وعدم التمكن من دفع موضوع التقية، مثل:
رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أسأله عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين وهو يرى المسح على الخفين، أو خلف من يحرم المسح على الخفين وهو يمسح، فكتب عليه السلام: إن جامعك وإياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم، فأذن لنفسك وأقم، فإن سبقك إلى القراءة فسبح) (1).
فإن ظاهرها اعتبار تعذر ترك الصلاة معهم.
ونحوها ما عن الفقه الرضوي من المرسل، عن العالم عليه السلام قال: (ولا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين: أحدهما من تثق به وبدينه (2) وورعه، وآخر من تتقي سيفه وسوطه وشره وبوائقه وشيعته (3)، فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة، وأذن لنفسك وأقم واقرأ فيها، فإنه (4) غير مؤتمن به... الخ) (5).
وفي رواية معمر بن يحيى - الواردة في تخليص الأموال * عن أيدي العشار -: (إنه كلما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية) (6).