المنزل منزلته، الضرر المتدارك فعلا.
والحاصل: إن إيصال الضرر إن كان لداعي النفع لا نضايق عن سلب الضرر عنه حقيقة، وإن كان قد يناقش فيه.
وأما الضرر لا لداعي النفع وإن تعقبه تدارك فهو ضرر حقيقي، لكن بعد أن اتفق تداركه يمكن تنزيله منزلة ما لم يوجد، كما هو معنى التدارك. وأما ما لم يتعقبه تدارك فعال فلا وجه لتنزيله منزلة ما لم يوجد في الخارج بمجرد حكم الشارع بوجوب تداركه.
فمنشأ هذا الاحتمال، الخلط بين الضرر المتدارك فعلا والضرر المحكوم بلزوم تداركه.
والمناسب للمعنى الحقيقي - أعني نفي الماهية - هو الأول.
نعم لو كان حكم الشارع في واقعة بنفسه حكم ضروريا يكون تداركه بحكم آخر، كحكمه بجواز قتل مجموع العشرة المشتركين في قتل واحد، المتدارك بوجوب دفع تسعة أعشار الدية إلى كل واحد، وأما الضرر الواقع من المكلف فلا يتدارك بحكم الشرع بلزوم التدارك لينزل منزلة العدم.
هذا مضافا إلى أن ظاهر قوله عليه السلام: (لا ضرر في الاسلام) كون الاسلام ظرفا للضرر، فلا يناسب أن يراد به الفعل المضر. وأنما المناسب الحكم الشرعي الملقي للعباد في الضرر في نظير قوله: (لا حرج في الدين (1)).
هذا، مع أن اللازم من ذلك عدم جواز التمسك بالقاعدة لنفي الحكم الضرري المتعلق بنفس المكلف (2)، كوجوب الوضوء مع التضرر به، فإن فعل الوضوء المضر حرام، والواقع منه في الخارج لم يجعل له الشرع تداركا، مع أن العلماء لم يفرقوا في الاستدلال بالقاعدة بين الاضرار بالنفس والاضرار بالغير.