ساترا لعيوبه.. الخ) فإنه على ما ذكر يكون أمارة على أمارة، فيكون ذكر الأمارة الأولى - أعني الملكة - خالية عن الفائدة مستغنى عنها بذكر أمارتها، إذ لا حاجة غالبا إلى ذكر أمارة تذكر لها أمارة أخرى، بخلاف ما لو جعل الصفات المذكورة عين العدالة، فإن المناسب بل اللازم أن يذكر لها طريق أظهر وأوضح للناظر في أحوال الناس.
الاحتمالات الثلاث في قوله عليه السلام (تعرف) ويؤيد ما ذكرنا أنه لا معنى محصل حينئذ لقوله عليه السلام - بعد الصفات المذكورة -: (وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار) لأن الضمير في (تعرف) إما راجع إلى العدالة بأن يكون معرفا مستقلا، وإما راجع إلى الشخص بأن يكون من تتمة المعرف الأول، وإما أن يكون راجعا إلى الستر وما عطف عليه، ليكون معرفا للمعرف، وقوله عليه السلام: (والدليل على ذلك..
الخ) (1) معرفا ثالثا، وهو أبعد الاحتمالات.
وعلى أي تقدير فلا يجوز أن يكون أمارة على العدالة، لأنه على هذا القول نفس العدالة.
والحاصل: أن الأمور الثلاثة المذكورة من قبيل المعرف المنطقي للعدالة، لا المعرف الشرعي في اصطلاح الأصوليين.
بيان المراد من الستر الوارد في الصحيحة ثم إن المراد بالستر هنا غير المراد به في قوله عليه السلام فيما بعد: (والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لعيوبه)، وإلا لم يعقل أن يكون أحدهما طريقا للآخر، بل المراد بالستر هنا ما يرادف الحياء والعفاف، قال في الصحاح: رجل ستير، أي عفيف، وجارية ستيرة (2) فكأن المراد بالستر هنا -: الاستحياء من الله، وبالستر - فيما بعد -: الاستحياء من الناس. ولذا ذكر القاضي: أن العدالة