الصلاة لتبري ذمة المنوب عنه لا يعقل أن يكون باعتبار ذلك الوجوب التوصلي، وإلا للزم الدور، فإن صحة الاستئجار التي يتوقف عليها حصول الوجوب موقوفة على فعل الصلاة عن النائب متقربا إلى الله، فكيف يكون فعله بقصد التقرب موقوفا على حصول الوجوب؟!
اللهم إلا أن يقال: فعله عن الميت متقربا إلى الله شئ ممكن قبل الإجارة باعتبار رجحان النيابة عن الغير في العبادات عقلا ونقلا، فإذا وقع في حيز الإجارة تبدلت صفة ندبه بصفة الوجوب، كما في صلاة التحية التي تقع في حيز النذر.
وفيه نظر، مع أن ما ذكر من قصد التقرب باعتبار الوجوب الحاصل بالإجارة إنما يصحح الفعل المستأجر عليه، أما إذا وقعت المعاوضة على وجه الجعالة، أو أمره بالعمل على الميت، فعمل رجاء للعوض من دون سبق معاملة، فلا يجري ما ذكره، لعدم الوجوب، فينبغي أن لا يصح فعله له لداعي استحقاق العوض، مع أن الظاهر عدم القول بالفصل بين الإجارة والجعالة وفعل العمل عقيب أمر الآمر به غير ناو للتبرع.
كلام المحقق القمي في المسألة ثم إن المحقق القمي رحمه الله في بعض أجوبة مسائله ذكر أن الاعتماد في صحة الاستئجار للعبادة على الاجماعات المنقولة، دون ما ذكره الشهيد في الذكرى من الاستدلال عليه بمقدمتين إجماعيتين الراجع إلى ما ذكرنا في الوجه الثاني من وجود المقتضي وانتفاء المانع.
إحداهما: إن العبادة عن الغير يقع عنه ويصل إليه نفعه، وهذه المقدمة ثابتة بإجماع الإمامية والنصوص المتواترة.
والثانية: إن كل أمر مباح يمكن أن يقع للمستأجر يجوز الاستئجار له، وهذه أيضا إجماعية، وعلل عدم الاعتماد على هذا الاستدلال بأنه مستلزم للدور،