الوجه الثاني: حسن الاحتياط الثاني: ما ذكره جماعة (1) تبعا للوحيد البهبهاني رحمه الله (2) من حسن الاحتياط الثابت بالسنة والاجماع والعقل.
والاعتراض عليه بمنع صدق الاحتياط في المقام - بناء على اختصاصه بالتجنب عن محتمل الضرر - مدفوع أولا: بظهور صدق الاحتياط بناء على ما فسروه بأنه: الأخذ بالأوثق (3). وثانيا: بأن الاقدام على محتمل المنفعة ومأمون المضرة عنوان لا ريب في حسنه. ولا فرق عند العقل بينه وبين الاحتراز عن محتمل الضرر، فلا يتوقف حسنه على صدق الاحتياط عليه.
وأضعف من هذا، الاعتراض بأنه مستلزم للتشريع المحرم وأن ترك السنة أولى من فعل البدعة.
توضيح الضعف - مع وضوحه - أن التشريع هو: أن ينسب إلى الشرع شيئا علم أنه ليس منه أو لم يعلم كونه منه، لا أن يفعل شيئا لاحتمال أن يكون فعله مطلوبا في الشرع، أو يتركه لاحتمال أن يكون تركه كذلك، فإنه أمر مطلوب يشهد به العقل والنقل، مع أن التشريع حرام بالأدلة الأربعة، وقد يوجب الكفر.
ما يرد على الوجه الثاني نعم، يرد على هذا الوجه أن الاقدام على الفعل المذكور إنما يحسنه العقل إذا كان الداعي عليه احتمال المحبوبية وقصد المكلف إحراز محبوبات المولى إخلاصا أو رجاء الثواب طمعا، ولا كلام لأحد في ذلك، فإنه مما يستقل به العقل ضرورة، إنما الكلام في استحباب نفس الفعل المذكور على حد سائر المستحبات