وإنما الكلام في مسألة فرعية، وهي استحباب كل فعل بلغ الثواب عليه، فالخبر الضعيف ليس دليلا على الحكم وإنما هو محقق لموضوعه، نظير يد المسلم واحتمال طهارة مجهول النجاسة، فكما أن الدليل في ملكية كل ما في يد مسلم وطهارة مجهول النجاسة الفعل هذه الأخبار الصحيحة لا الخبر الضعيف، فتكون هذه الأخبار أدلة حجية الخبر الضعيف.
مناقشة المؤلف فيما أفادوه أقول: وهذا الكلام لا يخلو عن مناقشة، بل منع.
أما أولا: فلأنه مخالف لعنوان المسألة في معقد الشهرة والاجماعات المحكية بقولهم: يتسامح في أدلة السنن، فإن الظاهر منه العمل بالخبر الضعيف في السنن، وهكذا قولهم: يستحب كذا للرواية الفلانية، فيريدون الاستحباب الواقعي الذي هو مدلول الرواية الضعيفة، وقد تراهم يجمعون بين مستحبات كثيرة كالوضوءات والأغسال المستحبة مع أن استحباب بعضها ثابت بالرواية الضعيفة.
والحاصل: أن التأمل في كلماتهم في الأصول والفقه يوجب القطع بإرادة حجية الخبر الضعيف في المستحبات.
وأما ثانيا: فإن ما ذكر من التعبير عن المسألة باستحباب كل فعل دل على استحبابه خبر ضعيف عبارة أخرى عن حجية الخبر الضعيف في المستحبات. ويجوز مثل هذا التعبير في حجية الخبر الصحيح، بأن يقال: الكلام فيه في وجوب كل فعل دل الخبر الصحيح على وجوبه واستحباب كل ما دل الخبر على استحبابه، وكذا الحرمة والكراهة والإباحة، وكذا الأحكام الوضعية بناء على كونها أحكاما مستقلة، كما استدلوا على حجية الخبر الواحد بأن في ترك فعل أخبر بوجوبه مظنة للضرر، ويجب دفع الضرر المظنون، وحاصل هذا يرجع إلى أنه يجب عقلا كل فعل أخبر بوجوبه ويحرم كل ما أخبر بحرمته. بل إذا تأملت