هذا مع أن جعل حسن الظاهر، بل مطلق الظن طريقا إلى هذه الصفة، أوجب تسهيل الأمر في الغاية حتى كاد لا يرى ثمرة لجعل العدالة هي الملكة، كما تقدم من السيد الصدر (1)، فكيف يتفاوت الأمر في اختلال النظام واستقامته بين جعلها (حسن الظاهر) وبين جعلها (الملكة) وجعل حسن الظاهر طريقا إليها؟.
ما أورد على القول بالملكة ثانيا ومنها (2): أن الحكم بزوال العدالة عند عروض ما ينافيها من معصية أو خلاف مروة ورجوعها بمجرد التوبة، ينافي كون العدالة هي الملكة.
وما يقال في الجواب: من أن الملكة لا تزول بمخالفة مقتضاها في بعض الأحيان، إلا أن الشارع جعل الأثر المخالف لمقتضاها مزيلا لحكمها بالاجماع، وجعل التوبة رافعة لهذا المزيل، فالأمر تعبدي.
ففيه: أنه مخالف لتصريحهم بالزوال والعود.
والجواب: ما تقدم من أن العدالة ليست عندهم هي الملكة المقتضية للتقوى والمروة، المجامعة لما يمنع عن مقتضاها، لأن قولهم: (ملكة تبعث) أو (تمنع) يراد بها البعث والمنع الفعلي. ويدل عليه ما مر عن نكت الإرشاد (3) على أظهر احتماليه، فالملكة إذا لم يكن معها المنع الفعلي ليست عدالة.
ولو أبيت إلا عن المعارض والمانع، فيكفي في إرادة الملكة المقتضية الخالية عن المانع تصريح نفس أرباب الملكة - كغيرهم - بأن نفس العدالة تزول بمواقعة الكبائر، ولذا ذكرنا أنه لا قائل بكون العدالة مجرد الملكة من غير اعتبار للمنع الفعلي.
وأما التوبة فهي إنما ترفع حكم المعصية وتجعلها كغير الواقع في الحكم،