يتقين فراغ الذمة عما اشتغل به الذمة يقينا، فإن المبادر ممتثل قطعا على أي حال، وإن عرضه ما يمنع الاكمال، وربما يموت تاركا فيبقى ذمته مشغولة بما وجب عليه، فيصير مستحقا للعقاب على تركه الواقع باختياره، إذ لا يعتبر في الترك الموجب لذلك أن يكون بحسب جميع الأحوال الممكنة في حقه، بل بما هو الثابت واقعا في شأنه، ولما كان الواقع غير معلوم قبل وقوعه لم يمكن إحالة التكليف بالامتثال عليه، حتى يختلف باختلافه، فيكون مضيقا لجماعة وموسعا لآخرين بحسب تزايد الآنات والساعات والشهور والأعوام، فتعين أن يكون منوطا بالتضيق الذي يعلم به حصول الامتثال بالنسبة إلى الجميع، فمن أدخل نفسه في صنف التاركين، ثم تداركه فضل الله سبحانه بأن أبقاه إلى أن أدى المأمور به، دخل في صنف العاملين، ولكن لا يمكن البناء على ذلك ابتداء أولا فأولا، وإن أدت إلى فوات الحاضرة المأذون في تأخيرها.
وأما البناء على ظن ضيق وقت التمكن وعدمه، كما في الموسع، فموقوف على الدليل، وهو منتف هنا، فوجب البناء على ما ذكر (انتهى تقرير الاحتياط ملخصا).
الجواب عن تقرير الاحتياط والجواب: إن الأمر المطلق إنما يقتضي وجوب الفعل المشترك بين الواقع في أول أزمنة التمكن، والواقع فيما بعده من أجزاء الزمان التي يمكن إيقاع المأمور به فيها، وحينئذ فالتأخير عن الجزء الأول ترك لبعض أفراد الواجب، وهو لا يحتاج إلى إذن من الشارع، لأن العقل حاكم بالتخيير في الامتثال بين مصاديق المأمور به.
ومن هنا ظهر فساد ما ذكره من أن الوجوب في الواجب الموسع باعتبار حرمة تركه عند ظن الضيق، بل وجوبه باعتبار حرمة تركه المطلق المتحقق بتركه في جميع الأجزاء. وأما عدم مؤاخذة من فاجأه العجز في أثناء الوقت، فليس لعدم اتصاف الفعل حقيقة بالوجوب فيما قبل الجزء الأخير من الوقت، بل لأجل أن