حكومة استصحاب الحكم الكلي على استصحاب الحكم الفعلي بل لو عورض استصحاب الحكم الكلي باستصحاب عدم الحكم الفعلي كان الأول حاكما، لأن الشك مسبب عن الشك فيه.
إذا عرفت هذا فنقول: إن وجوب الفعل موسعا في أول وقتها حكم شرعي كلي وخطاب إلهي تعلق بالمكلف وإن توقف تنجزه وثبوته فعلا على شروط، لكن فقد تلك الشروط لا يقدح في صدق الحاكم الكلي على وجه القضية الشرطية بأن يقال: إن هذا المكلف ممن يجب عليه الصلاة وتصح منه بمجرد دخول وقتها واجتماع باقي شرائط الصلاة، فإذا حدث وجوب القضاء عليه لفوات بعض الفرائض يقع الشك في ارتفاع الحكم الكلي المذكور، فيقال:
الأصل بقاؤه، فالمستصحب هو الحكم على كلي الحاضرة بالصحة والوجوب في أول الوقت، لا على خصوص الحاضرة المتنجزة عليه حين فراغ الذمة عن الفائتة حتى يمنع انسحابه إلى الحاضرة التي يدخل وقتها حين اشتغال الذمة بالفائتة إلا بالقياس أو بدلالة الدليل العام المغني عن الاستصحاب.
وما ذكره أخيرا من تقرير الاستصحاب فهو أيضا راجع إلى ما ذكرنا، وتوهم كونه من القياس أو من استصحاب الحكم الفرضي مدفوع بما ذكرنا، فإن استصحاب الحكم المعلق على شروطه قبل تحقق شروطه راجع إلى استصحاب أمر محقق منجز، كما يظهر بالتأمل.
ولا يخفى أن وجود مثله في المسائل الشرعية والمطالب العرفية أكثر من أن تحصى، واعتماد أرباب الشرع والعرف عليه أمر لا يكاد يخفى، وهذا الأصل بعينه هو استصحاب عدم حرمة الحاضرة - الذي تمسك به المعترض في التقرير الرابع من تقرير الأصل -، إلا أن ذلك عدمي وهذا وجودي، لكن جريان كليهما على الوجه الذي ذكرنا هنا وما ذكره من الاعتراض جار في ذلك أيضا، فتسليم أحدهما ومنع الآخر تحكم، إلا أن يريد من الأصل - هناك - أصالة البراءة لا الاستصحاب وقد عرفت ضعف التمسك بالبراءة.