قلت، أولا: إنه سيجئ (1) في بيان طرق العدالة أنه يعتبر في حسن الظاهر إفادته الظن بالملكة، وأن ما ذكر من الأخبار لا ينهض على اثبات كونه من الطرق التعبدية التي لا يلاحظ فيها الظن بذي الطريق.
وثانيا: لو (2) سلمنا كونه طريقا تعبديا كذلك، لكن هذا لا يوجب تفسير (العدالة) بحسن الظاهر - كما هو ظاهر هذا القول - لأن مقتضى هذا التفسير عدم ملاحظة الملكة رأسا حتى مع العلم بعدمها، فضلا عن صورة الظن به، وأين هذا مع الطريقية؟.
وبالجملة: فهذا القائل إن أراد أن (حسن الظاهر) هي العدالة الواقعية ولا واقع لها غيره، فهو غير معقول، لما عرفت (3) من اجتماعه مع الفسق الواقعي الذي هو ضد العدالة.
وإن أراد أن (حسن الظاهر) مع عدم الفسق الواقعي هي العدالة، وإن انتفت الملكة في الواقع، فهو وإن كان معقولا، إلا أنه خلاف ظاهر ما دل على كون العدالة صفة نفسانية باطنية.
وإن أراد أنه طريق إليها، فإن كونه طريقا تعبديا ولو مع الظن بعدم الملكة، فلا يساعد عليه ما أدعي من الاطلاقات، فلا يتعدى لأجلها عن مقتضى الأصل.
وإن أراد أنه طريق إليها مع إفادة الظن، فمرحبا بالوفاق.
وإن تعدى عن ذلك إلى صورة الشك، فللتأمل فيه مجال، والأقوى العدم.
ثم إنه يشكل جعل (حسن الظاهر) ضابطا للعدالة مع عدم إناطته بإفادة الظن بالملكة، من جهة أن مراتب الظهور مختلفة، لأن الظاهر والباطن إضافيان.