عموم ما تقدم عن الذكرى: من أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم (1).
ومن هنا يظهر وجه المسامحة في كراهة العبادات بمعنى قلة الثواب. وأما لو حملنا الكراهة فيها على مجرد المرجوحية من دون نقص الثواب بناء على أن المكروه من العبادات كالمعيوب الذي لا ينقص قيمته عن الصحيح - كما حكي عن بعض - ففيه إشكال. ولو حملنا الكراهة على المعنى الاصطلاحي فلا إشكال أيضا في التسامح.
السابع عشر التسامح في تعيين مصداق المستحب هل يجوز التسامح في الرواية الغير المعتبرة الدالة على تشخيص مصداق المستحب أو فتوى الفقيه بذلك؟ فإذا ذكر بعض الأصحاب أن هودا وصالحا على نبينا وآله وعليهم السلام مدفونان في هذا المقام - المتعارف الآن في وادي السلام - فهل يحكم باستحباب إتيان ذلك المقام لزيارتهما والحضور عندهما أم لا؟ وكذا لو ورد رواية بدفن رأس مولانا سيد الشهداء عند أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما فهل يستحب زيارته بالخصوص أم لا؟ وكذا لو أخبر عدل واحد بكون هذا المكان مسجدا أو مدفنا لنبي أو ولي.
والتحقيق أن يقال - بعد عدم الاشكال في الاستحباب العقلي من باب الاحتياط وجلب المنفعة المحتملة -: إن الأخبار وإن كانت ظاهرة في الشبهة الحكمية - أعني ما إذا كانت الرواية مثبتة لنفس الاستحباب لا لموضوعه - إلا أن الظاهر جريان الحكم في محل الكلام بتنقيح المناط، إذ من المعلوم أن لا فرق بين أن يعتمد على خبر الشخص في استحباب العمل الفلاني في هذا المكان