الواجب لا يعاقب على تركه إلا إذا وقع الترك على جهة العصيان، لاستقلال العقل ودلالة النقل على أنه لا عقاب إلا مع العصيان، ولا عصيان في الفرض المذكور.
فتحقق بما ذكرنا: أن الفعل المأتي في كل جزء من الزمان من أفراد المأمور به وامتثال لتمامه، فلا يقال إنه بدل من الواجب نظير بدلية العزم، بل هو نفسه، وأما احتمال طرو العجز عن الفرد الآخر فهو إنما يوجب رجحان المبادرة بحكم العقل المستقل الحاكم بحسن إحراز مصلحة الوجوب ومرجوحية التأخير المفضي أحيانا إلى فواتها وإن لم يوجب عقابا على المكلف.
ويؤيده النقل، مثل قوله عليه السلام: (إذا دخل الوقت فصل. فإنك لا تدري ما يكون) (1).
وأما وجوب هذا الاحتياط فلم يثبت بعد حكم العرف والشرع بأصالة بقاء التمكن وعدم طرو العجز، وإجماع العلماء والعقلاء على عدم وجوب المبادرة في الموسع الموقت، وجعل الشارع - في الرواية المذكورة وأمثالها - احتمال طرو العجز علة لاستحباب المبادرة دون وجوبها، إلى غير ذلك مما يقطع معه بعدم كون الاحتمال المذكور سببا لوجوب الاحتياط.
نعم ربما قيل باستحقاق العقاب لو اتفق ترك الواجب الموسع الغير الموقت، ولازمه وجوب المبادرة عقلا - من باب الاحتياط، تحرز عن الوقوع في عقاب الترك - وإن لم يجب شرعا، ليكون من قبيل المضيق الذي يعاقب على تأخيره، وإن لم يتفق العجز.
لكن هذا القول مع ضعفه لا ينفع فيما نحن فيه، لأن الكلام في التوسعة والتضيق المستلزم لوجوب المبادرة شرعا، وإن علم المكلف بالتمكن في ثاني