ما ذكرنا فهم الأصحاب القائلين بالتسامح.
الاعتراض السادس ومنها: أن هذه الأخبار لو نهضت للدلالة على استحباب الشئ بمجرد ورود الرواية الضعيفة لنهضت للدلالة على وجوب الشئ بذلك، لأن الرواية إذا دلت على الوجوب فيؤخذ بها ويحكم بكون الفعل طاعة، والمفروض أن المستفاد من الرواية كون طلبه على وجه يمنع من نقيضه فيثبت الوجوب.
وقد يجاب بأنا لم نعمل بالرواية الضعيفة حتى يلزمنا الأخذ بمضمونها، وهو الطلب البالغ حد الالزام والمنع من النقيض، وإنما عملنا بالأخبار الدالة على استحباب ما ورد الرواية بأن فيه الثواب، وهذا منه، فيستحب وإن كان واجبا على تقدير صدق الرواية في الواقع، ولا تنافي بين وجوب الشئ واقعا واستحبابه ظاهرا.
والأولى في الجواب هو: أنا لو قلنا أيضا بحجية الخبر الضعيف بهذه الأخبار فإنما نقول بحجيته في أصل رجحان الفعل دون خصوصياته من الندب أو الوجوب، فإن الواجب فيها التوقف والرجوع إلى الأصول العملية، كأصالة البراءة، وكم من حجة شرعية يبعض في مضمونها من حيث الأخذ والطرح.
وهناك أيضا بعض الاحتمالات التي ذكروها في معنى هذه الأخبار، لم نتعرض لها لبعدها وعدم فائدة مهمة في ردها.