وأما في صورة دائم الحدث فكونه مبيحا لا رافعا، من جهة دوام الحدث لا من جهة قصور الوضوء عن التأثير.
وربما يتوهم: أن ما تقدم من الأخبار - الواردة في أن كل ما يعمل للتقية فهو جائز، وأن كل شئ يضطر إليه التقية فهو جائز - يدل على ترتيب الآثار مطلقا، بناء على أن معنى الجواز والمنع في كل شئ بحسبه، فكما أن الجواز والمنع في الأفعال المستقلة في الحكم، كشرب النبيذ ونحوه يراد به الإثم والعدم، وفي الأمور الداخلة في العبادات فعلا أو تركا يراد به الإذن والمنع من جهة تحقق الامتثال بتلك العبادات، فكذلك الكلام في المعاملات، بمعنى عدم البأس وثبوته من جهة ترتب الآثار المقصودة من تلك المعاملة - كما في قول الشارع بجواز المعاملة الفلانية (١) -، وهذا توهم مدفوع بما لا يخفى على المتأمل.
أخبار التقية ثم لا بأس بذكر بعض الأخبار الواردة مما اشتمل على بعض الفوائد:
منها: ما عن الاحتجاج بسنده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في بعض احتجاجه على بعض، وفيه: (وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله عز وجل يقول: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ (2) وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه، وفي إظهار البراءة منا إن حملك الوجل عليه، وفي ترك المكتوبات (3) إن خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات، وتفضيلك أعداءنا (4) عند خوفك، لا ينفعهم ولا يضرنا، وإن إظهار (5) براءتك عند تقيتك لا يقدح فينا (6)،