لأن ما يجب تحمل الضرر لدفعه لا يجوز إحداثه لدفع الضرر عن النفس.
تصرف المالك لغوا وإن كان لغوا محصا، فالظاهر أنه لا يجوز مع ظن تضرر الغير، لأن تجويز ذلك حكم ضرري، ولا ضرر على المالك في منعه عن هذا التصرف، وعموم (الناس مسلطون على أموالهم) محكوم عليه بقاعدة (نفي الضرر).
وهو الذي يظهر من جماعة كالعلامة في التذكرة (1) والشهيد في الدروس (2)، حيث قيدا (3) التصرف في كلامهما بما جرت به العادة، والمحقق الثاني (4) حيث قيد الجواز مع ظن تضرر الغير بصورة دعاء الحاجة، بل العلامة في التذكرة حيث استدل على الجواز في كلامه المتقدم - بأن منعه عن عموم التصرف ضرر منفي، إذ لا شك أن منعه عن هذا التصرف ليس ضررا (5) وقد قطع الأصحاب بضمان من أجج نارا زائدا على مقدار الحاجة مع ظن التعدي (6).
اللهم إلا أن يقال: إن الضمان لا يدل على تحريم الفعل. فربما كان مبنى الضمان على التعدي العرفي وإن لم يكن محرما، كما يظهر من كثير من كلماتهم.
تصرف المالك لجلب النفع وأما ما كان لجلب المنفعة، فظاهر المشهور - كما عرفت من كلمات الجماعة - الجواز.
ويدل عليه أن حبس المالك عن الانتفاع بملكه وجعل الجواز تابعا لتضرر الجار حرج عظيم لا يخفى على من تصور ذلك. ولا يعارضه تضرر الجار، لما تقدم من أنه لا يجب تحمل الحرج والضرر لدفع الضرر عن الغير، كما يدل عليه