ولم يبين وجهه في ذلك الموضع، بل أحاله إلى بعض مؤلفاته (1). وكأنه أراد بالدور ما ذكرنا، بناء على أن قصد التقرب المعتبر في المقدمة الأولى من دليله - وهي وقوع العمل عن الغير ووصول نفعه إليه - موقوف على النتيجة، وهي صحة استئجاره للعمل على الغير ليحصل الأمر فيقصد التقرب بامتثال هذا الأمر، إذ مع قطع النظر عن الإجارة لم يتعلق أمر بإيقاع العمل عن الغير في مقابل العوض حتى يتصور فيه قصد التقرب.
نعم تعلق الأمر في الأخبار الكثيرة بإيقاع العمل عن الميت تبرعا (2) وهذا ليس منه (3).
وقد عرفت مما ذكرنا في بيان قصد التقرب أن التقرب إنما يقصد في الفعل الذي يتعلق به النيابة لا في نفسها.
والحاصل أن النائب ينزل نفسه لأجل العوض أو غرض دنيوي آخر منزلة الغير في إيقاع الفعل تقربا إلى الله، لا أنه ينزل نفسه قربة إلى الله وامتثالا لأمره منزلة الغير في إيقاع الفعل، حتى يقال: إنه موقوف على وجوب النيابة أو استحبابها ولم يثبت إلا تبرعا، ووجوبها فرع صحة الإجارة المتوقفة على إحراز القربة المصححة قبل الإجارة حتى يصح تعلق الإجارة.
ثم إن ما ذكرنا من الاتفاق على صحة الاستئجار لا ينافي ما تقدم من الخلاف في جواز استئجار الولي، لأن الكلام هناك في سقوطه عن الولي بالاستئجار لا في صحته، فالقائل بالاستئجار وبعدم جوازه من الولي لا يمنع من الاستئجار إذا لم يكن ولي أو أوصي الميت بالاستئجار أو استأجر متبرع من ماله، كما أن المانع من الاستئجار لا يمنع تبرع غير الولي بالعمل كما عرفت من