من الدنيا يسير. فقال علي ع الطريق مشترك والناس في الحق سواء ومن اجهد رأيه في نصيحة العامة فله ما نوى وقد قضى ما عليه. وقام عدي بن حاتم الطائي فقال يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم ولا دعوت إلا إلى حق ولا امرت إلا برشد ثم أشار بالتأني والكتابة إلى أهل الشام. وقام زيد بن حصين الطائي وكان من أصحاب البرانس المجتهدين فقال والله لئن كنا في شك من قتال من خالفنا لا يصلح لنا النية في قتلهم حتى نستأنيهم ما الأعمال إلا في تباب ولا السعي إلا في ضلال والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يبتغون دمه فكيف باتباعه القاسية قلوبهم القليل في الإسلام حظهم أعوان الظلم ومسددي أساس الجور والعدوان ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ولا التابعين باحسان. فقام رجل من طئ فقال يا زيد أ كلام سيدنا عدي حاتم بن تهجن فقال ما أنت بأعرف بحق عدي مني ولكن لا أدع القول بالحق وان سخط الناس. فقال عدي: الطريق مشترك والناس في الحق سواء فمن اجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى الذي عليه. ثم قام عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي فقال يا أمير المؤمنين ان القوم لو كانوا الله يريدون أو لله يعملون ما خالفونا ولكن القوم انما يقاتلون فرارا من الأسوة وحبا للأثرة وضنا بسلطانهم وكرها لفراق دنياهم التي في أيديهم وعلى أحن في أنفسهم وعداوة يجدونها في صدورهم لوقائع أوقعتها يا أمير المؤمنين بهم قديمة قتلت فيها آباءهم وإخوانهم ثم، التفت إلى الناس فقال: كيف يبايع معاوية عليا وقد قتل أخاه حنظلة وخاله الوليد وجده عتبة في موقف واحد والله ما أظن أن يفعلوا ولن يستقيموا لكم دون ان تقصد فيهم المران وتقطع على هامهم السيوف وتنثر حواجبهم بعمد الحديد وتكون أمور جمة بين الفريقين. وقال له عمرو بن الحمق اني والله يا أمير المؤمنين ما أحببتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك ولا إرادة مال تؤتينيه ولا التماس سلطان يرفع ذكري به ولكن أحببتك لخصال خمس: انك ابن عم رسول الله ص وأول من آمن به وزوج سيدة نساء الأمة فاطمة بنت محمد ص وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله ص وأعظم رجل من المهاجرين سهما في الجهاد فلو اني كلفت نقل الجبال الرواسي أو نزح البحور الطوامي حتى يأتي على يومي في أمر أقوي به وليك وأوهن به عدوك ما رأيت اني قد أديت فيه كل الذي حق علي من حقك. فقال أمير المؤمنين اللهم نور قلبه بالتقى واهده إلى صراط مستقيم ليت ان في جندي مائة مثلك. فقال حجر إذا والله يا أمير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يغشك. ثم قام حجر فقال يا أمير المؤمنين نحن بنو الحرب وأهلها الذين نلقحها وننتجها قد ضارستنا وضارسناها ولنا أعوان ذوو صلاح وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب وبأس محمود وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة فان شرقت شرقنا وإن غربت غربنا وما امرتنا به من أمر فعلناه. فقال علي أ كل قومك يرى مثل رأيك؟
قال ما رأيت منهم إلا حسنا وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة وبحسن الإجابة. فقال له علي خيرا. ودخل يزيد بن قيس الأرحبي على علي ع فقال يا أمير المؤمنين نحن على جهاز وعدة وأكثر الناس أهل القوة ومن ليس بمضعف وليس به علة فمر مناديك فليناد الناس يخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة فان أخا الحرب ليس بالسئوم ولا النؤوم ولا من إذا أمكنته الفرص اجلها واستشار فيها ولا من يؤخر الحرب في اليوم إلى غد وبعد غد. فقال زياد بن النضر لقد نصح لك يا أمير المؤمنين يزيد بن قيس وقال مما يعرف فتوكل على الله وثق به واشخص بنا إلى هذا العدو راشدا معافى فان يرد الله بهم خيرا لا يدعوك رغبة عنك إلى من ليس مثلك في السابقة مع النبي ص والقدم في الإسلام والقرابة من محمد ص وإلا ينيبوا ويقبلوا ويأبوا إلا حربنا نجد حربهم علينا هينا ورجونا ان يصرعهم الله مصارع اخوانهم بالأمس. وخرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام واللعن فأرسل إليهما أمير المؤمنين ع ان كفا عما يبلغني عنكما فاتياه فقالا أ لسنا محقين؟ قال بلى ولكن كرهت لكم ان تكونوا لعانين شتامين ولو وصفتم مساوي أعمالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان اللعن والبراءة اللهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم، كان أحب إلي وخيرا لكم فقالا يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.
ودخل عليه عبد الله بن المعتم العبسي وحنظلة بن الربيع التميمي في رجال من غطفان فأشار عليه التميمي مظهرا النصح ان يقيم ويكاتب معاوية ولا يعجل وقال اني ما أدري ولا تدري لمن تكون إذا التقيتم الغلبة وعلى من تكون الدبرة وتكلم العبسي ومن معهما بنحو ذلك فقال ع اما الدبرة فإنها على العاصين ظفروا أو ظفر بهم اما والله اني لأسمع كلام قوم ما أراهم يريدون ان يعرفوا معروفا ولا ينكروا منكرا فقال معقل بن قيس الرياحي إن هؤلاء ما اتوك بنصح بل بغش فاحذرهم وقال له مالك بن حبيب بلغني ان حنظلة هذا يكاتب معاوية فادفعه إلينا نحبسه حتى تنقضي غزاتك وقال عباس بن ربيعة وفائد بن بكير العبسيان يا أمير المؤمنين إن صاحبنا عبد الله بن المعتم بلغنا انه يكاتب معاوية فاحبسه حتى تنقضي غزاتك أو ادفعه إلينا نحبسه، فجعلا يقولان هذا جزاء من نصركم وأشار عليكم بالرأي فقال لها علي ع الله بيني وبينكم واليه اكلكم وبه استظهر عليكم اذهبوا حيث شئتم فلحق ابن المعتم بمعاوية مع أحد عشر رجلا من قومه. وبعث علي ع إلى حنظلة بن الربيع المعروف بحنظلة الكاتب وهو صحابي فقال أ علي أم لي قال لا عليك ولا لك ثم هرب إلى معاوية مع ثلاثة وعشرين رجلا من قومه لكنهما اعتزلا الفريقين فامر علي ع بهدم دار حنظلة هدمها عريفهم بكر بن تميم وشبث بن ربعي. وقالت طائفة من أصحاب علي ع: له أكتب إلى معاوية وإلى من قبله من قومك بكتاب تدعوهم فيه إليك وتامر بما لهم فيه من الحظ فان الحجة لن تزداد عليهم بذلك إلا عظما فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية ومن قبله قريش سلام عليكم فاني احمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو اما بعد فان لله عبادا آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم وأنتم في ذلك الزمان أعداء لرسول الله ص تكذبون بالكتاب مجمعون على حرب المسلمين من ثقفتم منهم حبستموه أو عذبتموه أو قتلتموه حتى إذا أراد الله إعزاز دينه وإظهار رسوله ودخلت العرب في دينه أفواجا وأسلمت هذه الأمة طوعا وكرها على حين فاز أهل السبق بسبقهم والمهاجرون الأولون بفضلهم فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم وفضائلهم ان ينازعهم الامر الذي هم أهله وأولى به ثم أن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديما وحديثا أقربها من رسول الله ص وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين وأولها إسلاما وأفضلها جهادا وأشدها بما تحمله الرعية من أمورها اضطلاعا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون واعلموا ان خيار عباد الله الذين يعملون بما يعطون وإن شرارهم الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم فان للعالم بعلمه فضلا وإن الجاهل لن يزداد بمنازعة العالم إلا جهلا ألا واني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ص وحقن دماء هذه الأمة فان قبلتم أصبتم