ذلك منه ويجد له عليه أعوانا، قال ابن أبي الحديد: كتب معاوية: من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فان الله تعالى يقول في محكم كتابه ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك وإني أحذرك الله أن تحبط عملك وسابقتك بشق عصا هذه الأمة وتفريق جماعتها فاتق الله واذكر موقف القيامة وأقلع عما أسرفت فيه من الخوض في دماء المسلمين وإني سمعت رسول الله ص يقول لو تمالأ أهل صنعاء وعدن على قتل رجل واحد من المسلمين لأكبهم الله على مناخرهم في النار فكيف يكون حال من قتل اعلام المسلمين وسادات المهاجرين بله ما طحنت رحى حربه من أهل القرآن وذوي العبادة والايمان من شيخ كبير وشاب غرير كلهم بالله مؤمن وبرسوله مقر فان كنت أبا حسن إنما تحارب على الإمرة والخلافة فلعمري لو صحت خلافتك لكنت قريبا من أن تعذر في حرب المسلمين ولكنها ما صحت لك وانى صحتها وأهل الشام لم يدخلوا فيها وخف الله وسطواته وأغمد سيفك عن الناس فقد والله أكلتهم الحرب فلم يبق منهم الا كالثمد في قرارة الغدير والله المستعان. فكتب إليه أمير المؤمنين ع وبعضه مذكور في نهج البلاغة: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد اتتني منك موعظة موصلة ورسالة محبرة نمقتها بضلالك وأمضيتها بسوء رأيك وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده دعاه الهوى فاجابه وقاده الضلال فاتبعه فهجر لاغطا وضل خابطا فاما أمرك لي بالتقوى فارجو أن تكون من أهلها واستعيذ بالله من أن أكون من الذين إذا أمروا بها أخذتهم العزة بالإثم وأما تحذيرك إياي أن يحبط عملي وسابقتي في الاسلام فلعمري لو كنت الباغي عليك لكان لك أن تحذرني ذلك ولكني وجدت الله يقول فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فنظرنا إلى الفئتين فاما الفئة الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها لأن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة وأنت أمير لعمر على الشام وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر وهو أمير لأبي بكر على الشام وأما شق عصى هذه الأمة فانا أحق أن أنهاك عنه وأما تخويفك لي من قتل أهل البغي فان رسول الله ص أمرني بقتالهم وقتلهم وقال لأصحابه إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله وأشار إلي وأنا أولى من اتبع أمره وأما قولك أن بيعتي لم تصح لأن أهل الشام لم يدخلوا فيها كيف وإنما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب لا يثنى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار الخارج منها طاعن والموري فيها مداهن فأربع على ظلعك وانزع سربال غيك واترك ما لا جدوى له عليك فليس لك عندي إلا السيف حتى تفئ إلى أمر الله صاغرا وتدخل في البيعة راغما. قال نصر بن مزاحم:
وكتب أمير المؤمنين ع إلى معاوية: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام على من أتبع الهدى إلى أن قال واعلم يا معاوية أنك قد ادعيت أمرا لست من أهله ولست تقول فيه بأمر بين ولا لك عليه شاهد من كتاب الله ومتى كنتم يا معاوية ساسة للرعية أو ولاة لأمر هذه الأمة بغير قدم حسن ولا شرف سابق على قومكم فإنك مترف قد أخذ منك الشيطان ماخذه فجرى منك مجرى الدم في العروق. واعلم أن هذا الأمر لو كان إلى الناس أو بأيديهم لحسدونا ولأمتنوا به علينا ولكنه قضاء ممن امتن به علينا على لسان نبيه الصادق المصدق لا أفلح من شك بعد البرهان والبينة. وفي الكلام الأخير دلالة على أن الإمامة بالنص. فاجابه معاوية: أما بعد فدع الحسد فإنك طالما لم تنتفع به ولا تفسد سابقة قدمك بشرة نخوتك فان الأعمال بخواتيمها ولعمري ما مضى لك من السابقات يشبه أن يكون ممحوقا لما اجترأت عليه من سفك الدماء وخلاف أهل الحق فاقرأ سورة الفلق وتعوذ من شر نفسك فإنك الحاسد إذا حسد. ومثل هذا الجواب نذكره عبرة للناظر كالذي مضى قبله.
ولما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال يا عمرو إن الله قد أحيا لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبيد الله وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان وينال منه فقال الرأي ما رأيت فبعث إليه معاوية فاتاه فقال يا ابن أخ لك اسم أبيك فانظر بملء ء عينيك وتكلم بكل فيك فأنت المأمون المصدق فاشتم عليا وأشهد عليه أنه قتل عثمان فقال أما شتمه فإنه علي بن أبي طالب وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم فما عسى أن أقول في حسبه وأما بأسه فهو الشجاع المطرق وأما أيامه فما عرفت ولكني ملزمه دم عثمان فقال عمرو إذا والله قد نكات القرحة فلما خرج عبيد الله قال معاوية أما والله لولا قتله الهرمزان ومخافة علي على نفسه ما أتانا أبدا أ لم تر إلى تقريظه عليا فقال عمرو يا معاوية إن لم تغلب فاخلب (1) فخرج حديثه إلى عبيد الله فلما قام خطيبا تكلم بحاجته حتى إذا أتى إلى أمر علي أمسك فقال له معاوية ابن أخ انك بين عي أو خيانة فبعث إليه كرهت أن أقطع الشهادة على رجل لم يقتل عثمان وعرفت أن الناس محتملوها عني فهجره معاوية واستخف بحقه وفسقه فقال شعرا يذكر فيه أن عليا آوى قتلة عثمان وقربهم فلما بلغ معاوية شعره بعث إليه فأرضاه وقربه وقال حسبي هذا منك.
وقام أبو مسلم الخولاني في ناس من قراء الشام إلى معاوية فقالوا علا م تقاتل عليا وليس لك مثل صحبته ولا قرابته ولا سابقته قال لهم ما أقاتل عليا وأنا أدعي ان لي في الاسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ولكن أ لستم تعلمون ان عثمان قتل مظلوما قالوا بلى قال فليدفع إلينا قتلته فنقتلهم به ولا قتال بيننا وبينه قالوا فاكتب إليه كتابا يأته به بعضنا فكتب إليه مع أبي مسلم الخولاني: بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب سلام عليك فاني أحمد إليك الله لا إله إلا هو اما بعد فان الله اصطفى محمدا بعلمه وجعله الأمين على وحيه واحتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام فكان أفضلهم الخليفة من بعده وخليفة خليفته والثالث الخليفة المظلوم فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت عرفنا ذلك في نظرك الشزر وقولك الهجر وتنفسك الصعداء وإبطائك عن الخلفاء تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع ثم لم تكن لأحد منهم بأعظم حسدا منك لابن عمك عثمان فقطعت رحمه وألبت الناس عليه فقتل معك في المحلة فاقسم صادقا ان لو قمت فيما كان من امره مقاما واحدا تنهنه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا واخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين ايواؤك قتلة عثمان وقد ذكر لي إنك تنتصل من دمه فان كنت صادقا فأ مكنا من قتلته نقتلهم به ونحن أسرع إليك وإلا فليس لك ولأصحابك إلا السيف والله الذي لا إله إلا هو لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر أو لتلحقن أرواحنا بالله والسلام. فقدم أبو