وكون الالزام بأحدهما المعين ترجيحا من دون مرجح - كما ذهب إليه بعض - (1) فيكون التخيير شرعيا.
إذا تبين هذا فقد أفاد (قدس سره) ان من ثمرات الالتزام بالتخيير العقلي دون الشرعي هو تقديم الأسبق زمانا من الواجبين، كما لو تزاحم وجوب القيام في صلاة الظهر ووجوبه في صلاة العصر، فإنه إنما يتأتى لو التزم بكون التخيير عقليا، اما لو التزم بكونه شرعيا فلا وجه لترجيح الأسبق. بيان ذلك:
انه لو قيل بان التخيير شرعي لا مانع من تعلق خطاب واحد بكل منهما بنحو البدل، فيكون كل منهما واجبا تخييريا، إذ التقدم والتأخر الزماني لا يمنع من صحة ذلك. اما لو قيل بان التخيير عقلي بمعنى الالتزام بالترتب امتنع جريانه هنا لان أساس التخيير العقلي على كون امتثال أحدهما مسقطا للحكم الاخر، لان ثبوت أحدهما مشروط بترك الاخر فإذا لم يترك لم يثبت الاخر، وبما أن امتثال الواجب المتأخر غير معقول في ظرف المتقدم لم يكن هناك ما يسقط التكليف السابق الفعلي، وعليه فيكون فعليا من دون مزاحم فيجب الاتيان بمتعلقه ويحرم تركه (2).
أقول: هذا البيان لا يفي بالمطلوب لان الوجوب المتأخر إما أن يكون له تأثير ودعوة في الزمان السابق أولا يكون له تأثير فعلى الثاني يخرج المورد عن موارد المزاحمة إذ الحكم السابق فعلي لا مانع منه، لان الحكم اللاحق ليس بفعلي حالا ولا تأثير له في هذا الحين، فيلزم امتثال السابق لا لاجل الترجيح بل لاجل عدم المزاحمة، ولا يختلف الحال حينئذ بين الالتزام بالتخيير العقلي أو الشرعي، إذ لا موضوع للتخيير الشرعي لعدم التزاحم والتساقط. وعلى الأول