واما اشتراطه بالقدرة شرعا فقد قربه (قدس سره) بان وجوب الوفاء تابع لما نذره الناذر، وبما أن النذر تعلق بالفعل المنذور لاقتضاء نفس النذر ذلك، لان الناذر ينذر الاتيان بما يقدر عليه من الاعمال، نظير اقتضاء نفس الطلب لاعتبار القدرة في متعلقه، فتكون القدرة مأخوذة في موضوع وجوب الوفاء قبل تعلقه به وهذا نقس اعتبار القدرة في متعلق الحكم شرعا اللازم لكون الملاك ثابتا في خصوص المقدور.
وهذا البيان لا يخلو عن مناقشة فان غاية ما يقتضيه اعتبار القدرة عقلا لا شرعا، إذ قد عرفت أن القدرة الشرعية هي القدرة بالمعنى العرفي واعتبارها يرجع إلى أخذ القدرة في لسان الدليل، فيفهم العرف من اللفظ ما هو المفهوم العرفي للقدرة. وهذا البيان لا يقتضي أخذ القدرة لفظا بمفهومها العرفي، بل يقتضي أخذ واقع القدرة، فليس في المقام فهم وظهور عرفي، بل يرجع إلى ما يلزم به العقل وهو ليس إلا القدرة العقلية في قبال العجز العقلي، فإنه هو الذي يرى ضرورة تقييد المتعلق به لا أزيد، فيحتاج إعتبار غيره إلى دليل خاص.
واما الوجه الثالث - فتقريبه -: ان وجوب الحج ليس مقيدا بالقدرة الشرعية فإنه وان اخذت الاستطاعة في موضوعه في لسان دليله، إلا أنها فسرت في الروايات بالزاد والراحلة وأمن الطريق، وان المراد منها هو ذلك ليس إلا، وهذا مما لا يرفعه وجوب الوفاء كما لا يخفى، فموضوع الحج ثابت لا خلل فيه.
واما وجوب الوفاء فهو مقيد بعدم كون متعلقه محللا للحرام، فيكون وجوب الحج رافعا لموضوعه، لأنه يستلزم كون متعلق النذر محللا للحرام. فيتقدم الحج لان المورد يكون نظير تزاحم ما ليس بمقيد بالقدرة شرعا وما هو مقيد بها لان وجوب الحج رافع لموضوع وجوب الوفاء ولا عكس.
وهذا الوجه غير تام لما عرفت..
أولا: من أن وجوب الوفاء بالنذر غير مقيد بعدم كونه محللا للحرام، لعدم