أقول: بعد الفراغ عن تقييد وجوب الوفاء بالقدرة شرعا، وتقييده بان لا يكون متعلقه محللا للحرام، يقع البحث مع المحقق النائيني (قدس سره) في ما أفاده من تقديم الحج على النذر بالبيان الذي عرفته، فإنه بحسب نظرنا غير مستقيم، لان اشتراط عدم تحليل الحرام في وجوب الوفاء يستلزم أن يكون فيما نحن فيه جهتان تقتضيان رافعية وجوب الحج لموضوع وجوب الوفاء. إحداهما اشتراط وجوب الوفاء بالقدرة شرعا. والأخرى اشتراطه بعدم كونه محللا للحرام وعدم انحصار جهة الرافعية باشتراط القدرة. وهذا المعنى لا يلازم تقديم وجوب الحج، فان الشرط لم يجعل خصوصية أخرى في حكم النذر تجعل وجوب الحج مانعا منه دون العكس، بل غاية ما يقتضي كون وجوب الحج رافعا لموضوع وجوب الوفاء بالنذر، وهذا ثابت ولو لم يكن وجوب الوفاء مشروطا بعدم تحليل الحرام فلم لم يقدم وجوب الحج؟.
وبالجملة: لا فرق في حصول التمانع بين أن يكون أحد الحكمين رافعا لموضوع الاخر من جهتين والاخر من جهة واحدة، بين أن يكون كل منهما رافعا لموضوع الاخر من جهة واحدة، فإنه يقال فيما نحن فيه أن وجوب الحج مشروط بالاستطاعة، بمعنى تحققها في نفسها ومع قطع النظر عن وجوب الحج، ووجوب الوفاء بالنذر رافع لها فلا يكون واجبا ولا يكون متعلق النذر محللا للحرام.
وبعبارة أخرى: متعلق النذر انما يكون محللا للحرام لو كان موضوع الحج ثابتا وهو الاستطاعة، وقد عرفت أنه يرتفع بوجوب الوفاء، فكل من الحكمين يرفع موضوع الاخر، فإنه كما أن وجوب الوفاء مقيد بما يرتفع بوجوب الوفاء وهو الاستطاعة، وهذا واضح لا غبار عليه.
والحاصل: انه لا نعرف لتقريب المحقق النائيني (رحمه الله) وجه وجيه.
اما اشتراط وجوب الوفاء بالنذر بعدم تحليل الحرام فلا دليل عليه بالمعنى الذي ذكرناه، وتحقيقه في الفقه.