اللاحق.
والحكم في هذه الصورة وقوع التزاحم بين الحكمين بلا ترجيح، وعدم تقديم الأسبق منهما زمانا بحسب الواجب، إذ بعد فرض ان الموضوع لكل من الحكمين في نفسه ثابت يلزم المكلف حفظ القدرة على كل منهما بملاك وجوب المقدمات المفوتة، فيحدث من جهة وجوب الحج حكم فعلي بلزوم صرف المال في الحج والسير مع القافلة المتوجهة إلى مكة. كما يحدث من جهة وجوب الوفاء بالنذر لزوم السير إلى كربلاء ان كان بعيدا عنها والبقاء فيها وعدم اتلاف القدرة ان كان من سكنتها، فيكون كل من هذين الحكمين رافعا لموضوع الحكم الاخر ولا اثر للسبق الزماني في مقام الامتثال حينئذ، لان وجوب المقدمة المفوتة للواجب اللاحق يرفع موضوع الوجوب السابق في امتثاله. ولا يختلف الحال في ذلك بين الالتزام بالواجب المعلق أو المشروط وعدمه، لان وجوب المقدمات المفوتة لازم اما بملاك لزوم حفظ الغرض الثابت في كل من الحكمين في نفسه، أو بملاك الوجوب المقدمي لو التزم بالواجب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر.
الرابعة: أن يكون كل من الحكمين متقارنين زمانا بحسب الامتثال. لكن أحدهما أسبق موضوعا من الاخر، بنحو يستطيع المكلف المحافظة عليه قبل حدوث موضوع الاخر، كما لو نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة إن جاء أخوه من السفر، فجاء أخوه وكان متمكنا من السفر إلى كربلاء فعلا، ولكنه غير متمكن من السفر إلى الحج، فهو فعلا غير مستطيع للحج.
والحكم في هذه الصورة تقديم الأسبق زمانا وهو النذر في المثال، لأنه ينشأ منه فعلا حكم بوجوب المقدمة المفوتة، فيلزمه المحافظة على القدرة فعلا، فيصرف المال في شؤون الزيارة أو يسافر فعلا للزيارة، فيرتفع بذلك موضوع الحج، ولا حكم يمنع من ذلك، لان موضوع الحج لم يتحقق بعد، فلا نظر له إلى