ولذا يقدم ظهور: " يرمي " في رمي النبل على ظهور: " الأسد " في الحيوان الخاص في قول القائل: " جاء أسد يرمي "، مع أن ظهور يرمي انصرافي، وظهور أسد وضعي، وهو أقوى من الانصرافي.
وجهه بان الشك في إرادة ما يظهر فيه ذو القرينة مسبب عن الشك في إرادة ما تظهر فيه القرينة، فالأخذ بظاهر القرينة يستلزم رفع الشك في المراد بذي القرينة وحمله على خلاف ظاهره الأولي، لان مؤدى القرينة بنفسها يرجع إلى تشخيص المراد بذي القرينة وتعيينه، وليس الامر كذلك بالعكس، فان الاخذ بظاهر ذي القرينة لا يستلزم تعيين المراد من القرينة الا بالملازمة العقلية - بلحاظ التنافي بين الظهورين -، والأصل اللفظي وان كان حجة في اللازم العقلي لمجراه، لكنه انما يثبت به اللازم العقلي على تقدير جريانه في نفسه، وأصالة الظهور في ذي القرينة لا تجري الا على وجه دائر، لان جريانها فيه يتوقف على عدم جريان أصالة الظهور في القرينة - إذ جريانها في القرينة يلغي الشك في ذي القرينة فلا مجال للأصل فيه -، فلو كان عدم جريان أصالة الظهور في ناحية القرينة مستندا إلى جريانه في ذي القرينة لزم الدور.
وبهذا البيان يلتزم بتقدم الأصل الحاكم على الأصل المحكوم.
ولا يختلف الحال فيما ذكر بين القرينة المتصلة أو المنفصلة، وان كان هناك فرق بينهما من ناحية أخرى، وهي: ان القرينة المتصلة تصادم أصل الظهور التصديقي لذي القرينة، المعبر عنه بالمراد الاستعمالي فتوجب التصرف فيه.
واما القرينة المنفصلة، فهي تصادم كاشفية الظهور التصديقي لذي القرينة عن المراد الواقعي فتوجب التصرف في حجيته وكاشفيته لا فيه نفسه (1).
هذا ما افاده (قدس سره)، وقد ذكره مقدمة لبيان ان تقديم المقيد على