" أكرم كل عالم " ثم علم العبد بأنه لا يريد اكرام الفاسق منهم كشف ذلك عن تضيق المراد الواقعي للعام، فمع الشك في فسق أحدهم لا وجه للتمسك بالعام لأنه يتكفل اثبات الحكم على تقدير الموضوع من دون تصدي المولى لتشخيص موضوع حكمه.
واما إذا قال: " أكرم ساكني هذه المدرسة " مع علمه بهم واستقصائه، لهم، فقد تصدي المولى لمرحلة الانطباق وتشخيص موضوع حكمه، فإذا علمت بأنه لا يريد اكرام الفاسق منهم لم يجدي ذلك في رفع اليد عن الحكم الا فيما قطع بفسقه، اما مع الشك فليس للعبد التوقف بعد فرض ان المولى أثبت الحكم لكل فرد بعينه، وكان للمولى عتابه وعقابه لو توقف في مورد الاشتباه، وانه لا حق لك في الاستبداد والاعتناء بالاحتمال بعد أن عينت لك الموضوع وأثبت الحكم لك.
ومما ذكرنا يظهر ما في كلام الكفاية حيث ذهب إلى حجية العام في مورد الشك مستدلا ببناء العقلاء وثبوت السيرة على ذلك، بشهادة ان المولى لو قال لعبده: " أكرم جيراني " وعلم العبد انه لا يريد اكرام عدوه منهم فليس له التوقف في مورد من يشك في عدواته من الجيران وكان للمولى مؤاخذته (1).
فان ما ذكره (قدس سره) من المثال وان كان الحكم فيه مسلما، لكنه لا ينفع في إثبات جواز التمسك بالعام مطلقا فإنه مثال للقضية الخارجية وقد عرفت أنه يلتزم بحجية العام فيها. اما القضية الحقيقية فلا وجه للتمسك بالعام فيها ولم يثبت بناء من العقلاء على ذلك، فان الثابت من بناءهم ليس إلا التمسك في مورد القضية الخارجية.
وقد قرب المحقق الأصفهاني (رحمه الله) جواز التمسك بالعام في الشبهة