المثبتين (1) لكن بالمعنى الذي ذكرنا في محل النزاع؛ من أن النزاع في حكم العقل باستحقاق العقوبة وعدمه.
وبما ذكرناه: من أن المدعى إثبات استحقاق العقوبة لا فعليتها - فإنها أمر ليس للعقل فيه دخالة وحكم حتى في مورد المعصية - يظهر الجواب عما يمكن أن يقال: من أن ظاهر الأدلة الشرعية أن العقوبة على فعل المعصية، فشرب الخمر وقتل المؤمن وترك الصلاة والصوم وأمثالها موجبة للعقوبة بحسب الأدلة، ولا دليل على العقوبة على غيرها (2).
فإن هذه الظواهر تدل على أن العصيان له عقوبة فعلية، ولا تدل على نفي استحقاقها على التجري، والمدعى أن التجري موجب لاستحقاقها لا فعليتها.
ثم قال صاحب " الفصول " في ذيل كلامه (3): إن التجري إذا صادف المعصية الواقعية يتداخل عقابهما.
وفيه: أن محل الكلام هو ما إذا لم يصادف الواقع، وإلا فهو معصية.
اللهم إلا أن يريد به أنه إذا قطع المكلف بكون مائع خمرا وشربه، فتبين عدم كونه خمرا، وأنه مغصوب، فصادف التجري معصية واقعية، يتداخل العقابان.
وفيه: أنه لو كفى في تنجز التكليف الواقعي العلم بجنس التكليف ولو في ضمن نوع آخر، يكون المثال المذكور معصية لا تجريا، ولو توقف التنجز على العلم بنوع التكليف يكون تجريا لا معصية، والجمع بينهما مما لا يمكن فتدبر.