مستحق للعقوبة مع مصادفة فعله لما هو واجب واقعا (1) غير صحيح؛ لما عرفت من أن تزاحم الجهات المحسنة مع الجهات المقبحة، ليس بمعنى انمحائها، فحينئذ يكون التجري على المولى - بعنوانه القبيح - متحققا، وله أن يعاقب العبد عليه؛ لعدم سقوط قبحه، والمصلحة الواقعية لا توجب زوال القبح من جهة التجري.
نعم، هنا أمر آخر؛ وهو أن هذا التجري في نظر المولى قبيح، وموجب لسخطه على العبد بما أنه متجرئ عليه، ونجاة ابنه من الهلاك ذات مصلحة تامة، فحينئذ قد يكون قبح التجري أقوى في نظره، وقد يكون ملاك نجاة ابنه أقوى. فأيهما يكون أقوى يكون مؤثرا في نفسه؛ أي قد يصير مسرورا لأجل تحقق الواقعة، وقد يصير محزونا.
وهذا غير مربوط بعدم استحقاق المتجري للعقوبة؛ لأن المتجري كان إقدامه وحركته نحو مخالفة المولى، وهو أمر، والمزاحمة بين عنوان التجري والمصلحة الواقعية أمر آخر لا يوجب خروج التجري عن كونه قبيحا وجرأة على المولى وهتكا لحرمته.
لا يقال: إن استحقاق العقوبة تابع لإتيان العبد ما هو مبغوض المولى، والفعل المتجرى به إذا انطبق عليه عنوان ذو مصلحة غالبة، لا يكون مبغوضا له.
لأنا نقول: هذا ممنوع، بل استحقاق العقوبة إنما هو على مخالفة المولى.
ألا ترى أن مخالفة الأوامر والنواهي الامتحانية، موجبة لاستحقاق العقوبة، مع عدم كون الفعل إذا تركه مبغوضا له؟!
هذا، ثم إنه قد تحصل من جميع ما ذكرناه: أن الحق في باب التجري مع