حيث ذاتهما، مع قطع النظر عن اللواحق فهذا معنى ذاتية الحسن والقبح.
لكن تلك العناوين الحسنة أو القبيحة، إذا وجدت في الخارج، قد تتصادق عليها عناوين اخر في الوجود الخارجي والهوية العينية، فتتزاحم معها، فحينئذ يكون الحسن والقبح بالوجوه والاعتبار؛ لأجل التزاحم الخارجي بين المقتضيات التابعة للعناوين الصادقة على الهوية العينية.
فقتل ابن المولى قبيح ذاتا، إذا تحقق في الخارج بذاته من غير لواحق اخر مزاحمة له في المقتضى، ولكن قد يصير حسنا إذا عرضه عنوان راجح، مثل كونه قاتلا للمولى، وإكرام المولى حسن ذاتا، وقد يتصادق مع عنوان آخر في الخارج، فيصير قبيحا بالعرض؛ لكونه معرفا له عند العدو القاهر الذي يريد قتله (140).
الثالث: قد عرفت أن الأفعال بذاتها مع قطع النظر عن أمر المولى أو نهيه، مشتملة على مصا لح ومفاسد ذاتية، وبعد تعلقهما بها ينطبق عليها عنوان آخر، لأجله يحكم العقل بحسنها أو قبحها، فإذا أمر المولى بشيء، وأطاع العبد، يكون فعله حسنا لأجل انطباق عنوان طاعته عليه، ولو تركه يكون تركه قبيحا لأجل انطباق عنوان العصيان عليه، وكذا في النواهي، وكل ذلك من متفرعات أمره ونهيه.
وقد عرفت أيضا: أن ملاك حكم العقل بقبح التجري، هو عين ملاك حكمه بقبح المعصية؛ وهو الخروج عن رسم العبودية، وكون الفعل الخارجي منتهى ما يمكن للعبد أن يظهر به المخالفة للمولى، من غير فرق من هذه الحيثية بين العصيان والتجري، ويختص العصيان بوقوع المكلف في المفسدة الذاتية للفعل.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن ما أفاده صاحب " الفصول " من كون العبد غير