مع ذلك تكون إرادة المولى قاصرة عن بعث الجاهل، وكذا تكا ليفه تكون قاصرة عنه، لا لكونها متقيدة بحال العلم، بل لعدم إمكان بعث الجاهل.
وإن شئت قلت: إن المولى إنما ينشئ التكا ليف؛ ليعلم بها المكلف، وينبعث منها نحو متعلقاتها، أو ينزجر عنها، فإذا كانت التكا ليف الواقعية غير قابلة للتأثير في المكلف بعثا أو زجرا، تكون شأنية، وحينئذ يمكن للمولى جعل الترخيص والحكم الظاهري؛ من الاحتياط والترخيص.
وقد عرفت سابقا (1): أن التكليف الواقعي غير صالح للباعثية، وأن احتمال التكليف وإن كان أحيانا باعثا، لكن بما أنه نفس الاحتمال؛ فإن وجود التكليف الواقعي وعدمه بالنسبة إليه سواء، فالاحتمال باعث، سواء كان محتمل واقعا أو لا.
لا يقال: إن القطع بالتكليف أيضا كذلك؛ فإنه مع عدم مطابقته للواقع يكون أيضا باعثا، فوجود التكليف الواقعي وعدمه سواء.
فإنه يقال: نحن لا ننكر باعثية القطع ولو مع عدم مطابقته للواقع، لكن نقول: إن التكليف إذا صار معلوما يكون هو الباعث، ولا نقول: بانحصار الباعث في التكليف حتى يرد الإشكال.
وبالجملة: إن التكليف الواقعي غير قابل للبعث والزجر بوجوده الواقعي مع الشك فيه.
فحينئذ، إن أراد المولى حفظ تكليفه الواقعي لأجل أهميته، فلابد له من جعل تكليف طريقي؛ هو إيجاب الاحتياط لحفظ الواقع، حتى يعلم المكلف هذا التكليف الظاهري بالاحتياط، فيعمل على طبقه.
وإن لم يكن بنظره بهذه المثابة من الأهمية، أو كانت مصلحة التوسعة