يميل إلى العالم السفلي، ويتوجه إلى الشهوات النفسانية، والله تعالى جعل فيه قوة العقل والتمييز، وأيده بالعقول الكاملة الخارجية؛ من الأنبياء والمرسلين، والأولياء والعلماء الكاملين.
فهو دائما يكون بين الميول المختلفة العلوية والسفلية، وله قوة العقل والتمييز بين الحسن والقبح، فإن رجح - بحسب ميوله العلوية، وتأييد العقل الداخلي والخارجي - جانب العلو، ورأى خيره فيه واصطفاه واختاره، يشتاق إليه ويريده، ويفعل ما يناسبه.
وإن رأى خيره في العاجل، وغلبته الشهوات والميول النفسانية، واختار الخير العاجل - وإن كان قليلا فانيا - على الآجل وإن كان كثيرا باقيا، يشتاق إليه ويريده ويفعل على منواله، فمناط استحقاق العقاب إنما هو هذا الاختيار، الذي يكون بقوة العقل والتمييز، مع تمامية الحجة من الله تعالى عليه.
ويؤيد ما ذكرناه: ما ورد في الروايات من أن في قلب كل إنسان نكتتين؛ بيضاء وسوداء، فإذا أطاع تزداد النكتة البيضاء حتى تحيط بالقلب، وإذا عصى تزداد النكتة السوداء كذلك (1).
وما ورد: من أن للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان (2).
وما ورد في كيفية خلق الإنسان من أخذ طينته من السماوات السبع والأرضين السبع (3)... إلى غير ذلك مما يظهر للمتتبع (4).