مفسدة محضة أو غالبة، وثانيتهما: قبح مخالفة المولى والتجري عليه، فيمكن النزاع في أن ملاك قبح التجري، هل هو ملاك قبح المعصية من الجهة الثانية، أم له ملاك مستقل غير الملاك الذي في المعصية؟
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه لا إشكال في أن النزاع إنما هو في الصورة الرابعة؛ فإنها قابلة للنقض والإبرام، وأما كون الحرمة الشرعية متعلقة بنفس مقطوع الحرمة بما أنه كذلك، فمقطوع العدم؛ لعدم الدليل عليها.
بل لازم تعلق الحرمة به، أن تتحقق في المعصية الواحدة الصادرة من المكلف، معاص غير متناهية؛ فإن مقطوع الحرمة حرام بالفرض، فإذا تعلق القطع بمقطوع الحرمة، يتحقق حرام آخر، وهكذا في صورة تعلق القطع بالقطع... إلى ما لا نهاية له، فتتضاعف المحرمات حسب تضاعف القطع.
وأما القول: بأن في التجري ملاكا مستقلا غير ملاك التجري الذي في المعصية (1).
فهو غير محقق؛ ضرورة أن الملاك الآخر المستقل مقطوع العدم، فالنزاع إنما هو في أن القطع إذا تعلق بحرمة شيء أو وجوبه، فكما أنه في صورة الإصابة موجب لاستحقاق العقوبة على المخالفة، فهل هو في صورة عدمها أيضا موجب لاستحقاقها عقلا أم لا؟
وأما تعبير الشيخ العلامة: بأن النزاع في أن القطع حجة عليه وإن لم يصادف الواقع أو لا (2) ففي غير محله؛ فإن معنى الحجية - كما مر مرارا - هو تنجيز الواقع على المكلف، ومعلوم أنه لا معنى لتنجيز القطع الغير المصادف للواقع.