وإنما القائم بها مصلحة اخرى ندبية لا إلزامية.
وبالجملة: ما يتراءى منه صورة التخيير بين الأقل والأكثر، ينحل إلى وجوب تعييني متعلق بالأقل، وإلى أمر ندبي متعلق بالزيادة، وإنما التخيير بين الوجود والعدم بالنسبة إليها، فلو أتى بها تكون على صفة الندبية؛ لتعلق الأمر بها مع الرضا بالترك، وهذا واضح بعد التأمل في موضوع البحث وتشخيص الأقل والأكثر (58).
نعم، يمكن التخيير بينهما في موردين:
أحدهما: ما إذا كان الأقل والأكثر تحت طبيعة واحدة، تكون بحسب الوجود مشككة، ويكون ما به الاشتراك بين الأفراد عين ما به الامتياز، كالخط القصير والطويل، فإن التخيير بين الفردين منها ممكن؛ لأن تعين الخط لفردية الطبيعة إنما يكون إذا صار محدودا، وأما ما دام مستمرا متدرجا في الوجود، فلا يتعين للفردية، فكأنه مبهم قابل لكل تعين، فيحصل الغرض إذا كان فردا لها، ولا يصير الفرد القصير فردا لها إلا مع محدوديته، كما لا يصير الطويل فردا إلا معها، فالفردان وإن كان التفاوت بينهما بالأقلية والأكثرية، لكن صيرورتهما فردين للطبيعة ومحصلين للغرض غير ممكنة إلا بتحقق الفردية، وهي متقومة بالمحدودية بالحمل الشائع (59).