أن يتعلق الأمر به على نحو الإطلاق، لكن لطف المولى بالعبد يقتضي أن يتعلق الطلب به على نحو خاص، ويجعل للوجوب شرطا أو شرائط؛ لأجل التسهيل على العباد والتوسعة عليهم، أو لأن المولى يرى أن الأمر إذا تعلق بالفعل بنحو الإطلاق يقع نوع المكلفين في المعصية، فلأجل لطفه عليهم يشترط وجوبه بشرائط تسهل الأمر عليهم، فلو فرض أن في الحج مصلحة مطلقا، كان المكلف مستطيعا شرعا أو لا، وفي الزكاة مصلحة، بلغ المال الزكوي حد النصاب أو لم يبلغ، لكن مصلحة التسهيل واللطف الإلهي اقتضت أن يشترط الوجوب بالاستطاعة وبلوغ النصاب، ففي مثل تلك الموارد لا يمكن أن يتوجه القيد إلى الواجب والمادة؛ فإن القيد لا دخالة له في المصلحة بالفرض، فلا معنى لتقيدها به، بل المانع في الإيجاب والأمر على نحو الإطلاق.
الثالث: - وهو أوضح الموارد - أن لا يكون الغرض من الأمر جلب المنافع، بل الغرض منه دفع منقصة متوجهة إلى العبد، أو رفع مفسدة ابتلى بها، كما في باب الكفارات.
مثلا: لو فرض أن الظهار، أو الإفطار متعمدا في شهر رمضان، وحنث النذر والعهد، والصيد حال الإحرام... وأمثال ذلك، توجب منقصة للعبد لا تنجبر إلا بالكفارات، فلابد من تعلق الطلب بالكفارات بعد تحقق تلك المنقصة؛ لأجل رفعها.
ولا يعقل أن ترجع الشروط والقيود الكذائية إلى المادة، ولا يعقل أن يتقيد المكلف به بتلك القيود؛ فإنها موجبة للمنقصة، ولا يعقل دخالتها في رفعها، فلا يمكن أن يقال: إن المصلحة قائمة بالكفارة المقيدة بإفطار شهر رمضان، ففي قوله: " إن أفطرت متعمدا وجبت الكفارة " (1) لابد وأن يرجع الشرط إلى الهيئة،