والثاني: أنه من الحبر الذي يكتب به، قاله الكسائي.
والثالث: أنه من الحبر الذي هو الجمال والبهاء. وفي الحديث " يخرج رجل من النار قد ذهب حبره وسبره " أي: جماله وبهاؤه. فالعالم بهي بجمال العلم، وهذا قول قطرب. وهل بين الربانيين والأحبار فرق أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: لا فرق، والكل العلماء، هذا قول الأكثرين، منهم ابن قتيبة، والزجاج. وقد روي عن مجاهد أنه قال: الربانيون: الفقهاء العلماء، وهم فوق الأحبار. وقال السدي: الربانيون العلماء، والأحبار القراء. وقال ابن زيد: الربانيون: الولاة، والأحبار: العلماء، وقيل: الربانيون:
علماء النصارى، والأحبار: علماء اليهود.
قوله تعالى: (بما استحفظوا من كتاب الله) قال ابن عباس: بما استودعوا من كتاب الله وهو التوراة. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: يحكمون بحكم ما استحفظوا.
والثاني: العلماء بما استحفظوا. قال ابن جرير: " الباء " في قوله تعالى: (بما استحفظوا) من صلة الأحبار.
وفي قوله تعالى: (وكانوا عليه شهداء) قولان:
أحدهما: وكانوا على ما في التوراة من الرجم شهداء، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: وكانوا شهداء لمحمد عليه السلام بما قال أنه حق. رواه العوفي عن ابن عباس.
قوله تعالى: (فلا تخشوا الناس واخشوني) قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، وابن عامر، والكسائي " واخشون " بغير ياء في الوصل والوقف. وقرأ أبو عمرو بياء في الوصل، وبغير ياء في الوقف، وكلاهما حسن. وقد أشرنا إلى هذا في [سورة] آل عمران. ثم في المخاطبين بهذا قولان.
أحدهما: أنهم رؤساء اليهود، قيل لهم: فلا تخشوا الناس في إظهار صفة محمد، والعمل بالرجم، واخشوني في كتمان ذلك، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس. قال مقاتل:
الخطاب ليهود المدينة، قيل لهم: لا تخشوا يهود خيبر أن تخبروهم بالرجم، ونعت محمد، واخشوني في كتمانه.
والثاني: أنهم المسلمون، قيل لهم: لا تخشوا الناس، كما خشيت اليهود الناس، فلم يقولوا الحق، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) في المراد بالآيات قولان: