استفتاء اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الزانيين، وقد سبق. و " الهدى ": البيان. فالتوراة مبينة صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومبينة ما تحاكموا فيه إليه. و " النور ": الضياء الكاشف للشبهات، والموضح للمشكلات. وفي النبيين الذين أسلموا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم الأنبياء من لدن موسى إلى عيسى، قاله الأكثرون.
فعلى هذا القول في معنى " أسلموا " أربعة أقوال:
أحدها: سلموا لحكم الله، ورضوا بقضائه.
والثاني: انقادوا لحكم الله، فلم يكتموه كما كتم هؤلاء.
والثالث: أسلموا أنفسهم إلى الله عز وجل.
والرابع: أسلموا لما في التوراة ودانوا بها، لأنه قد كان فيهم من لم يعمل بكل ما فيها كعيسى عليه السلام. قال ابن الأنباري: وفي " المسلم " قولان:
أحدهما: أنه سمي بذلك لاستسلامه وانقياده لربه.
والثاني: لإخلاصه لربه، من قوله تعالى: (ورجلا سالما لرجل) أي: خالصا له.
والثاني: أن المراد بالنبيين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن، والسدي. وذلك حين حكم على اليهود بالرجم، وذكره بلفظ الجمع كقوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله).
وفي الذي حكم به منها قولان:
أحدهما: الرجم والقود.
والثاني: الحكم بسائرها ما لم يرد في شرعه ما يخالف.
والثالث: النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن قبله من الأنبياء صلوات الله عليهم، قاله عكرمة.
قوله تعالى: (الذين هادوا) قال ابن عباس: تابوا من الكفر. قال الحسن: هم اليهود. قال الزجاج: ويجوز أن يكون في الآية تقديم وتأخير. على معنى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون الذين أسلموا. فأما " الربانيون " فقد سبق ذكرهم في (آل عمران). وأما (الأحبار) فهم العلماء واحدهم حبر وحبر، والجمع أحبار وحبور. وقال الفراء: أكثر ما سمعت العرب تقول في واحد الأحبار: حبر بكسر الحاء. وفي اشتقاق هذا الاسم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه من الحبار وهو الأثر الحسن، قاله الخليل.