قوله تعالى: (وأن تستقسموا بالأزلام) قال ابن جرير: أي: وأن تطلبوا علم ما قسم لكم، أو لم يقسم بالأزلام، واستفعلت من القسم. قال ابن قتيبة: الأزلام: القداح، واحدها: زلم وزلم.
والاستقسام بها: أن يضرب فيعمل بما يخرج فيها من أمر أو نهي، فكانوا إذا أرادوا أن يقتسموا شيئا بينهم، فأحبوا أن يعرفوا قسم كل امرئ تعرفوا ذلك منها، فأخذ الاستقسام من القسم وهو النصيب. قال سعيد بن جبير: الأزلام: حصى بيض، كانوا إذا أرادوا غدوا، أو رواحا، كتبوا في قدحين، في أحدهما: أمرني ربي، وفي الآخر: نهاني ربي، ثم يضربون بهما، فأيهما خرج، عملوا به. وقال مجاهد: الأزلام: سهام العرب، وكعاب فارس التي يتقامرون بها. وقال السدي: كانت الأزلام تكون عند الكهنة. وقال مقاتل: في بيت الأصنام. وقال قوم: كانت عند سدنة الكعبة قال الزجاج: ولا فرق بين ذلك، وبين قول المنجمين: لا تخرج من أجل نجم كذا، أو اخرج من أجل نجم كذا.
قوله تعالى: (ذلكم فسق) في المشار إليه بذلكم قولان:
أحدهما: أنه جميع ما ذكر في الآية، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وبه قال سعيد ابن جبير.
والثاني: أنه الاستقسام بالأزلام، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والفسق: الخروج عن طاعة الله إلى معصيته.
قوله تعالى: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) في هذا (اليوم) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه اليوم الذي دخل فيه رسول الله مكة في حجة الوداع، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقال ابن السائب: نزلت ذلك اليوم.
والثاني: أنه يوم عرفة، قاله مجاهد، وابن زيد.
والثالث: أنه لم يرد يوما بعينه، وإنما المعنى: الآن يئسوا، كما تقول: أنا اليوم قد كبرت، قاله الزجاج. قال ابن الأنباري: العرب توقع اليوم على الزمان الذي يشتمل على الساعات والليالي، فيقولون: قد كنت في غفلة، فاليوم استيقظت، يريدون: فالآن، ويقولون: كان فلان يزورنا، وهو اليوم يجفونا، ولا يقصدون باليوم قصد يوم واحد. قال الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا * ويوم نساء ويوم نسر أراد: فزمان لنا، وزمان علينا، ولم يقصد ليوم واحد لا ينضم إليه غيره. وفي معنى يأسهم قولان:
أحدهما: أنهم يئسوا أن يرجع المؤمنون إلى دين المشركين، قاله ابن عباس، والسدي.